ضغوط العمل:
1. تعريف ضغوطات العمل:
تعددت المفاهيم والمصطلحات التي تعرف ضغوط العمل وإختلفت التعاريف من قبل الباحثين في هذا المجال، حيث لا يوجد تعريف محدد ودقيق لهذا المفهوم متفق عليه لدى الجميع ويرجع ذلك أساسا لإرتباط موضوع ضغوط العمل بكثير من العلوم الأخرى.
ويعد أول من بحث في موضوع الضغوط هو "هانز سيلاي" والذي يعده الكثير الأب الروحي لهذا الموضوع، حيث عرف الضغوط على أنها "أمراض التكيف" أي هي عبارة عن إستجابة غير محدودة لتجارب غير محببة تصدر من الإنسان لمواجهة أي مثير جديد، حيث يسعى الفرد الى منع حدوثها مرة أخرى كما يسعى الى تناسبها.
وتعرف ضغوط العمل بأنها مجموعة من المثيرات التي تتواجد في بيئة العمل والتي ينتج عنها مجموعة من ردود الأفعال التي تظهر في سلوك الأفراد في العمل أو في حالتهم النفسية والجسمانية أو في أدائهم لأعمالهم نتيجة تفاعل الأفراد في بيئة عملهم التي تحوي الضغوط.
كما يعرف أيضا على أنه عبارة عن مجموع التفاعلات التي تحدث بين بيئة العمل والأفراد وتؤدي إلى ظهور حالة وجدانية سيئة تنشا من ضعف الإنسجام والتوافق بين الأفراد ومحيط عملهم تلك التي تفرض عليهم متطلبات متزايدة تفوق قدرتهم على مواجهتها.
وتعرف الضغوط بأنها مجموعة من العوامل البيئية السلبية مثل (غموض الدور، صراع الدور، ظروف العمل، عبئ العمل الزائد) والتي لها علاقة بأداء عمل معين.
وعرفت المنظمة العالمية للصحة والسلامة الضغوط على أنها إستجابات جسدية وشعورية ضارة تحدث عندما تكون المتطلبات من العمل لا تقبل قدرات أو مصادر أو حاجات العمل.
كما تعرف ضغوط العمل أيضا بأنها حالة تنشأ عن ضعف الإنسجام والتوافق بين الأفراد ومحيط عملهم تلك التي تفرض عليهم متطلبات متزايدة تفوق قدراتهم على مواجهتها.
2. أهمية ضغوطات العمل:
نذكر فيما يلي أهم الجوانب التي تظهر فيها أهمية دراسة ضغوط العمل وذلك على النحو التالي:
- زيادة الإنتاج وتحسين الانتاجية بتبسيط دوافع متخذي القرار في المنظمة، عن طريق رفع قدراتهم على مواجهة ضغوط العمل والمواقف الصعبة.
- حماية متخذ القرار، ومن ثم المنشاة من إتخاد قرارات خاطئة ناجم عن إنفعالات اللحظة والتأثير العاطفي والوجداني، أو الناجم عن ردود الفعل العصبية للمواقف الصعبة التي تواجه متخذ القرار.
- سيادة روح الفريق والتعاون بين الرؤساء والمرؤوسين، وزيادة التفهم والمشاركة الايجابية والبناءة، بما يساهم في رفع الروح المعنوية للموظفين وإحساسهم بالمشاركة الفعالة المهمة في صنع حاضرهم ومستقبلهم الوظيفي في المؤسسة.
- تأكيد ربحية المؤسسة، وتحقيق أهدافها بالشكل السليم والجيد وفق لما هو مخطط وموضوع بالبرامج التنفيذية.
- توفير الظروف والجو الصحي المناسبين في بيئة العمل بالمؤسسة وبالشكل الذي يجعل لكل مدير جو عمل أفضل وبما يمكنه من إتخاد القرار وممارسة سلطاته ومهامه الادارية بشكل أفضل.
- تنمية مهارات التوافق السريع والتعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجه متخذ القرار، وبالتالي تنمية مهارات التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة، في ظل سيادة جو من الضغوط على متخذ القرار في المؤسسة.
3. عناصر ضغوط العمل:
يرى الباحثون أنه يمكن تحديد تلاث عناصر رئيسية للضغوط في المؤسسة وهي:
- المثير: هذا العنصر يحتوي على المؤثرات الأولية الناتجة عن مشاعر الضغوط وهي عبارة عن مختلف العوامل المرتبطة بالبيئة الخارجية والداخلية للمؤسسة، وكذلك العوامل المرتبطة بالمورد البشري والتي تولد لديه شعور بالضغط.
- الإستجابة: يمثل هذا العنصر ردود الفعل الفسيولوجية والنفسية والسلوكية يرددها الفرد أثناء تعرضه لمجموعة من المثيرات مثل القلق والتوتر والإحباط وغيرها.
- التفاعل: وهو التفاعل بين العوامل المثيرة والعوامل المستجيبة مما يعني أن الضغط الذي يواجه الفرد ناتج عن التفاعل المركب بين العوامل المرتبطة بالبيئة الداخلية للمؤسسة والعوامل الخارجية وكذا العوامل المرتبطة بالفرد.
4. خصائص ضغوط العمل:
ولضغوط العمل مجموعة من الخصائص الهامة ومن أهمها:- تتفاوت ضغوط العمل من حيث طبيعتها ودرجة تأثيرها على الفراد فقد تكون مفيدة بحيث تكون دافع لتحفيز ورفع جودة العمل.
- ضغوط العمل منتشرة دائما وتوجد في أي مكان عمل بشكل أو بآخر.
- أن ضغوط العمل تنتقل بالعدوة عند العمل مع أشخاص يعانون من الضغوط.
- أن الضغوط ليست حادثة أو ظرف وإنما هي إستجابة لأحدهما فالحادثة عبارة عن مثير.
- أن الضغوط من الممكن أن تصبح قاتلة، فلقد عانا المجتمع الغربي مما يسمى بالضغوط المميتة، الناجمة عن الإفراط في العمل.
- إن تزايد الضغوط واستمرارها بشكل كبير يؤدي إلى مرحلة خطيرة جدا هي مرحلة الإحتراق النفسي وهي مرحلة ينهار فيها الفرد نهائيا.
ضغوط العمل منتشرة دائما، وتوجد في مكان العمل بشكل أو بآخر، فإزدحام المكاتب مثلا، أو زيادة طلبات الجمهور، أو تكاثر الواجبات وتعاظم المسؤوليات أو زيادة الضوضاء... كل ذلك يشكل ضغطا على تفكير الفرد وأعصابه وحالته المزاجية.
وقد تشكل ضغوط العمل فرصا للتحسين والتطوير، كما قد تكون مصدرا للإبتكار وتطبيق الأفكار الإبداعية، لكن من جهة أخرى قد تسبب أضرار كثيرة على المستوى الشخصي والتنظيمي.
5. أنواع ضغوط العمل:
• ضغوط العمل وفق معيار الأثر: وفق هذا المعيار نجد الضغوط الايجابية وهي عبارة عن ضغوط ضرورية للمنظمة وللفرد لأنها تعد دافع وحافز له نحو أداء الأفضل وتساعده على الإبداع وتنمية الثقة بالنفس، وهناك الضغوط السلبية التي يكون لها إنعكاس سلبي على الفرد والمنظمة، حيث تتسبب في إنخفاض الدافعية والشعور بالإرهاق والإحباط وعدم الرضا والقلق والشعور بالفشل والتشاؤم من المستقبل.
• ضغوط العمل وفق معيار الشدة: وتقسم إلى ثلاث أنواع هي الضغوط البسيطة والتي تستمر من ثواني قليلة إلى ساعات طويلة نتيجة المضايقات الصادرة من أشخاص تافهين وسلبيين أو أحداث قليلة الأهمية.
وهناك الضغوط المتوسطة وتستمر من ساعات الى أيام مثل فترات العمل الاضافية أو زيارة شخص غير مرغوب. والضغوط الشديدة التي تستمر عادتا من أسابيع لأشهر و لسنوات مثل غياب شخص عزيز من العائلة أو العمل في بلد بعيد عن العائلة.
• ضغوط العمل وفق معيار المصدر: ونجد فيها ضغوط ناتجة عن البيئة المادية التي يتعرض لها الفرد نتيجة ظروف مادية غير ملائمة، وضغوط ناتجة عن البيئة الإجتماعية سببها التفاعلات الإجتماعية ما بين الأفرد داخل مكان العمل.
6. مصادر ضغوط العمل:
هناك عدت مصادر لضغوط العمل حيث تنقسم إلى:- المصادر التنظيمية: وهي تلك المصادر المرتبطة بمحيط العمل أو العمل نفسه ومن أهم مسبباتها (غموض الدور، صراع الدور، زيادة أعباء العمل، ظروف العمل المادية والعلاقات داخل العمل).
- المصادر المتعلقة بشخصية الفرد: لكل فرد مجموعة من الصفات أو الخصائص التي تميزه عن غيره من الأفراد فمن الممكن أن يتعرض الأشخاص الى نفس الضغوط ومع ذلك لا يكون الأثر واحدا ويعود ذلك لعدة عوامل منها (نمط الشخصية، أحداث الحيات المختلفة التي يتعرض لها الفرد، اختلاف قدرات الأفراد ، مراكز التحكم في الأحداث).
- المصادر المتعلقة بالبيئة المحيطة بالعمل: عادة ما تسبب العوامل البيئية المختلفة ضغط للفرد والمنظمة وتشمل هذه العوامل على العوامل الاقتصادية والسياسية والإجتماعية العامة والنظام العام للدولة.
- المصادر المتعلقة بالمنظمة: ويمكن حصر هذه العوامل في ما يلي: (ثقافة المنظمة، تقييم الأداء الوظيفي، الهيكل التنظيمي، الصراع على الموارد).
7. مستويات ضغوط العمل:
إن دراسة موضوع ضغوط العمل لا يجوز أن ترسخ في الأذهان بأنه سلبي بكافة جوانبه فالضغط يحدث الكثير من الايجابيات اذا تمثل في مستوى معين وقد تم تقسيم مستوياته الى ثلاث أقسام هي:
- المستوى المرتفع: وهي من الضغوط السلبية والتي تشعر الفرد بتراكم العمل عليه وتسبب إنخفاضا في روحه المعنوية والنفسية وتولد إرتباك عنده وتشعره بالفشل والتشاؤم والإحباط.
- المستوى المقبول: وهي من الضغوط الإيجابية والتي يشعر بها الفرد بالمتعة في العمل وعلى قدرته الفائقة على حل المشكلات، وتتميز بأنها تعطي شخصية الفرد الحيوية و النشاط والتفاؤل الدائم والقدرة العالية على التفكير بتركيز عالي وعلى حل المشكلات.
- المستوى المنخفض: هي من الضغوط السلبية التي تشعر الفرد بالملل والإجهاد والإحباط وتسبب له الشعور بالضعف، وبما أن الفرد لا يمكن له تجنب الضغوط تماما فعليه مواجهتها والتصدي لها قبل وقوعها، والإستفادة منها وتوجيهها التوجيه السليم، وذلك عن طريق إقامة نوع من التوازن بزيادة الضغوط النافعة التي تدفع الفرد والمنظمة للنمو، والتقليل من الضغوط الضارة التي تعرض سلامة الفرد والمنظمة للفشل، إذ عليه أن يعرف حجم العمل الذي يقف عند حدود قدرته ولا يتعداه.