recent
أخبار ساخنة

كيف يتم إدارة الأزمات في المؤسسة؟

إدارة الأزمات في المؤسسة:

أنواع الأزمات

1. مفهوم الأزمة:

تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم الأزمة كنتيجة مباشرة للتغيرات البيئية الداخلية والخارجية السريعة والمتلاحقة والتي تعمل في إطارها المنظمات سواء كانت إنتاجية أو خدمية، الأمر الذي يترتب عليه حدوث أزمات تفرض على المنظمات إدارتها بكفاءة وفعالية وبهدف الحد من نتائجها السلبية والإستفادة من نتائجها الإيجابية وفيما يلى مجموعة من التعريفات منها:

  • تعتبر الأزمة لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي يصاب بها، ومشكلة تمثل صعوبة حادة أمام متخذ القرار تجعله في حيرة بالغة فيصبح أي قرار يتخذه داخل دائرة من عدم التأكد، وقصور المعرفة، وإختلاط الأسباب بالنتائج والتداعي المتلاحق الذي يزيد درجة المجهول في تطورات ما قد ينجم عن الأزمة.

  • الأزمة هي تحول فجائي عن السلوك المعتاد يترتب عليها نشوء موقف فجائي ينطوى على تهديد مباشر للقيم أو المصالح الجوهرية للدولة مما يستلزم معه ضرورة إتخاذ قرارات سريعة في وقت ضيق وفي ظروف عدم التأكد وذلك حتى لا تنفجر الأزمة وتعد الأزمة بمثابة خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام كله، كما أنه يهدد الإفتراضات الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام، وتتسم الأزمة غالبا بعناصر المفاجأة وضيق الوقت ونقص في المعلومات بالإضافة إلى عوامل التهديد المادي والبشري.

  • تعرف الأزمة في قاموس Webster بأنها موقف يمثل نقطة تحول نحو الأسوء أو الأفضل، وهذا الموقف يواجه الدول والأفراد والجماعات والمنظمات بمختلف أنواعها، والأزمة حقيقة من حقائق الحياة الثابتة، وتحظي التحديات الداخلية والتحديات الخارجية بإهتمام الأنظمة الحاكمة التي تعمل جاهدة على إدارة الأزمات التي تنشأ عن التهديدات والتحديات، والإدارة الناجحة تنتهي إلى تجنبها أو حلها أو التخفيف من نتائجها.

2. أنواع الأزمات:

أنواع الأزمات

تعددت الآراء في تقسيم أنواع الأزمات في المؤسسة وتصنيفها ومدي تأثيرها، إلا أنه يمكن تصنيفها في مجموعات متمايزة مثل (مدي تكرارها، حدتها، تأثيرها، شدتها، محاورها...) كما يلي:

1. التصنيف حسب مدى تكرار الأزمة: يعد التكرار من أهم الأسس في تصنيف الأزمات وعلى الرغم من أن حدوثها الدوري يتيح رصد مقدماتها وتجنبها، فإن أي كيان إداري سواء كان فردا أو مؤسسة أو دولة، لا يستطيع تلافيها على ما يملك من أجهزة وقائية، ويمكن تقسيمها إلي:

  • أزمات دورية متكررة: تكرر الأزمات بتوقع حدوثها لا يتيح التنبؤ بها تنبؤاً دقيقاً بمداها وحجمها وشدتها وإتساع مجالها، وهي تتمثل في الأزمات الإقتصادية المرتبطة بالدورة الشرائية والناجمة عن الكساد، والتي قد تنجم كذلك عن الإنتعاش نتيجة لخلل في قوي الإنتاج.

  • أزمات غير دورية: هذه الأزمات عشوائية الحدوث، لا ترتبط في حدوثها بأسباب دورية متكررة مثل الأزمات المرتبطة بالدورة الإقتصادية، ومن ثم لا يسهل توقعها؛ والأزمات غير الدورية تحدث نتيجة عوامل متعددة، وإن كانت عادة تكون فجأة وبدون مقدمات مثل الأزمات الناجمة عن سوء الأحوال الجوية، أو تغير الظروف المناخية.

2. التصنيف حسب حدة الأزمات: وهي قوة التأثر بالأزمة وحجم الخسائر المختلفة الناتجة عنها، ويمكن تقسيم الأزمات طبقا لمدي تغلغلها وتمكنها من الكيان الذي أصابته إلى نوعين أساسيين هما:

  • الأزمات السطحية: وهي أزمات لا تشكل خطرا إذ إنها تحدث فجأة وتنقضي بسرعة وخاصة إذا عولجت أسبابها، وهي تنجم عن الشائعات الكاذبة مثل الأزمات التموينية المفتعلة.

  • الأزمات العميقة: وهي أخطر أنواع الأزمات ذات طبيعة شديدة القسوة لارتباطها ببنيان الكيان الذي حدثت به الأزمة، ومن ثم فقد تدمره إن أهملت مواجهتها.

3. التصنيف حسب تأثير الأزمات: وهو الوصف العام لمدى ما نتج عن الأزمة، ويمكن تقسيم الأزمات إلى نوعين أساسيين وفقاً لمقدار وحجم تأثير الأزمة على أداء الكيان الذي حدثت فيه الأزمة إلى نوعين هما:


  • أزمات محدودة التأثير: وهي أزمة وليدة ظروف معينة، ويحدث عادة دون أن يترك بصمات أو معالم واضحة على الكيان الذي حدثت فيه الأزمة، مثل أزمة عدم توفير سلعة تموينية معينة ولديها بديل يحل محلها بالكامل ومتوفر بالأسواق.

  • أزمات جوهرية: يؤثر هذا النوع من الأزمات تأثيراً واضحاً ومؤكداً في بنية الكيان الذي يحل به مما ينعكس على أدائه، ويساعد على حرمانه حاجاته ومطالبه الأساسية، التي لا يمكنه الإستغناء عنها ولذلك فإنه لا يمكن تجاهل هذا النوع من الأزمات، أو إهمال مواجهتها إذ إن إستمرارها قد يسفر عن نتائج صعبة، وقد يلد أزمات أشد خطراً وتدميراً وتتمثل تلك الأزمات في نقص المياه أو الوقود أو الغذاء.

4. التصنيف حسب شدة الأزمات: تتراوح الأزمات بين نوعين أساسيين من الشدة والضعف هما:

  • أزمات عنيفة: وهى أزمات بالغة الشدة والعنف، والسبيل الوحيد للتصدى لهذا النوع من الأزمات هو إفقاده قوة الدفع الخاصة بتيار الأزمة، وتصنيف عناصرها والتعامل مع كل عنصر على حدة، والمثال على ذلك الأزمات العمالية العنيفة التى تصل إلى حد الإضراب العام.

  • أزمات خفيفة: وعلى الرغم من أن هذا النوع من الأزمات يبدو عنيفاً بعض الشئ بالنسبة للقائمين به، إلا أن تأثيره على الرأي العام أو الجمهور المحيط به يكون خفيفاً، ويسهل معالجته بشكل فوري سريع بمجرد لمس ومعرفة أسبابه ومن ثم التعامل معه إيجابياً مثل الأزمات الناتجة عن الإشاعات.

5. التصنيف حسب محاور الأزمات: يتم تصنيف الأزمات إلى الأنواع الآتية:

  • أزمات مادية: تدور حول محور مادي، مثل أزمة الغذاء، أزمة السيول، أزمة العمالة، أزمة إنخفاض المبيعات...، وهي جميعها أزمات تدور حول شئ مادي ملموس، يمكن التحقق منه ودراسته والتعامل معه مادياً وطبيعياً بأدوات التعامل المختلفة، وقياس مدي توافق أدوات التعامل في إدارة الأزمة بنجاح ومعرفة ذلك بالنتائج المادية المترتبة على هذا التدخل مثل فقدان جزء كبير من المال.

  • أزمات معنوية: وهي التي تدور حول محور غير موضوعي يرتبط بذاتية الأشخاص المحيطين بالأزمة مثل أزمة الثقة أو المصداقية، وأزمة الولاء والإنتماء...الخ، وهذه الأزمات جميعها تدور حول محور معنوي شخصي غير ملموس، لا يمكن الإمساك به ماديا أو لمسه، وإنما التعامل معه يتم من خلال إدراكه المضموني.

  • الأزمات المزدوجة: يتمثل هذا النوع في المشكلات الدولية والمحلية، مثل أزمات الرهائن، وأزمة الإرهاب وهي ذات جانبين أحدهما مادي ملموس هو الواقع المادي الذي أحدثته أو نتجت منه وهو الأشخاص المختطفون أو الخسائر والأضرار المادية، والآخر معنوي يتمثل في ردود الفعل العنيفة المصاحبة للأعمال الأرهابي.

6. التصنيف حسب مستوى الأزمات: وفقا لهذا الأسـاس يمكن التفرقة بين نوعين من الأزمات:


  • الأزمات الشاملة: تصيب الدولة وتؤثر في المجتمع كله فهي أزمات شاملة سواء في أسبابها ونتائجها وكذلك متطلبات علاجها، ولهذا النوع من الأزمات تداخلات وأبعاد مختلفة التأثير، ويشمل الأزمات المتصلة ببنية الدولة وأدائها الإقتصادي والسياسي أو وضعها الأمني الداخلي أو الخارجي، فضلا عن سيادتها وأستقرارها السياسي والأجتماعي، وهذه الأزمات تتطلب مواجهتها جهداً كبيراً، بل تتطلب معونات ودعما خارجياً، وغالبا ما تحاول الدولة أو المنظمة بتجنب الإنهيار التام في التوازن داخل المنظمة والتوفيق بين الحاجة أو حماية المصالح المعرضة للخطر والرغبة في تجنب التصعيد غير المرغوب فيه للأزمة لتصبح أزمة شاملة.

  • الأزمات الجزئية: تمثل في أزمات المشروعات أو الوحدات الإنتاجية أو قطاع بعينه وينحصر تأثيرها فيها إلا أنه قد يمتد إلى المشروعات الأخرى المرتبطة بها، بل يطول الدولة برمتها إن لم يمكن السيطرة عليه، وهذا النوع من الأزمات يتميز بالتنوع والتعدد، طبقا للكيان الذي قد ينشأ فيه، إضافة إلى التأثيرات المتباينة للأزمات والمتمثلة في عوامل إنتشارها وتكاملها ونشوئها، وفي هذا النوع من الأزمات يجب تدخل الدولة لمواجهة الأزمة وإحتوائها، إن لم يتمكن الكيان الإداري الذي تأثر بها من مواجهتها.

7. التصنيف حسب أبعاد الأزمات: يمكن تصنيف أنواع أخرى من الأزمات وفقاً لمدي علاقتها بالعالم الخارجي على النحو التالي:

  • أزمات عالمية لها تأثير محلي: غالباً ما تنجح الدول الكبرى في نقل أزماتها إلى الدول ي تدور في فلكها.

  • أزمات محلية لها تأثير خارجي: يتضح مثل هذه الأزمات كلما كانت الدول النامية مترابطة، ويمكنها ترابطها وعلاقتها التعاونية من جعل أزماتها تطول العالم الخارجي، فتدفع الدول الكبرى إلى النهوض بمسؤولياتها تجاه تلك الأزمات، وتحمل الدول الكبرى فاتورة عبء هذه الأزمات وتجعلها تدفعها نيابة عنها.

  • أزمات محلية فقط: وهي الأزمات التي لا يتعدى تأثيرها حدود الدولة بل تقتصر على قطاع محدود منها، ولا يمكن ترحيلها إلى الخارج ولذلك فهي تعالج في إطار محلي داخلي فقط.

3. مفهوم إدارة الأزمات:

مفهوم إدارة الأزمات

إرتبط مصطلح إدارة الأزمات إرتباطاً قوياً بـ الإدارة العامة فإدارة الأزمات نشاط هادف يقوم على البحث والحصول على المعلومات اللازمة التي تمكن الإدارة من التنبؤ بأماكن وإتجاهات الأزمة المتوقعة، وتهيئة المناخ المناسب للتعامل معها، عن طريق إتخاذ التدابير اللازمة للتحكم في الأزمة المتوقعة والقضاء عليها أو تغيير مسارها لصالح المنظمة.

ومما لا شك فيه إن إدارة الأزمات هي علم وفن، ولكنها من الناحية التطبيقية فهي فن أكثر منها علم، لأنها تتعلق بموهبة القيادة التى لا يمكن أن تكتسب بالمعرفة، والغرض من إدارة الأزمة هو تغيير الأمر الواقع مع تجنب القتال، فإذا تطورت الأزمة إلى قتال تعتبر الإدارة فاشلة.

ويعد علم إدارة الأزمات أحد العلوم الإنسانية الحديثة التي إزدادت أهميتها في عصرنا الحاضر والذي شهد العديد من المتغيرات المتكاثفة شديدة الغرابة إلى حد المعجزات، سواء على المستوي الدولي أو الإقليمي أو على المستوي القومي. 

فقد أوردت الموسوعة الإدارية تعريفاً لإدارة الأزمات بأنها: "المحافظة على أصول وممتلكات المنظمة وعلى قدرتها على تحقيق الإيرادات، وكذلك المحافظة على الأفراد والعاملين بها ضد المخاطر المختلفة.

وقد تم تعريف إدارة الأزمات: "بأنها تعني بالأساس كيفية التغلب على الأزمات بالأدوات العلمية والإدارية المختلفة وتجنب سلبياتها والإستفادة من إيجابياتها فعلم إدارة الأزمات هو علم إدارة التوازنات والتكيف مع المتغيرات المختلفة وبحث أثارها في كافة المجالات".

وهي إتخاذ إجراءات طارئة تحت ضغوط متنوعة ومتعددة وتوتر داخلي لحل مشكلات سببتها الأزمة نفسيا إما بفعل أو تصدير جانب آخر وإما بتراكم آثار وسلبيات البيروقراطية والإهمال مرورا بعواقب الأزمة أو خسائر الكوارث.

وهي العملية الإدارية المستمرة التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الإستشعار ورصد المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية المولدة للأزمة، وتعبئة الموارد والإمكانات المتاحة لمنع أو التعامل مع الأزمات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة وبما يحقق أقل قدر ممكن من الضرر للمنظمة وللبيئة والعاملين مع ضمان العودة للأوضاع الطبيعية في أسرع وقت.

أو هي فن إدارة السيطرة من خلال رفع كفاءة وقدرة نظام صنع القرارات سواء على المستوى الجماعي أو الفردي للتغلب على مقومات الآلية البيروقراطية الثقيلة التي قد تعجز عن مواجهة الأحداث والمتغيرات المتلاحقة والمفاجأة وإخراج المنظمة من حالة الترهل والإسترخاء التي هي عليها.

4. مراحل إدارة الأزمات:

مراحل إدارة الأزمات

إن هناك خمس مراحل تمر بها إدارة الأزمة للعمل على درء وقوعها أو التخفيف من آثارها، بل والقدرة على تحقيق التوازن وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل وقوع الأزمة وتتمثل هذه المراحل في:

  • المرحلة الأولي (إكتشاف إشارات الأزمة): عادة ما ترسل الأزمة قبل وقوعها سلسلة من إشارات الإنذار المبكر أو الأعراض التي تنبئ بإحتمال وقوعها، وتعني إكتشاف إشارات الإنذار تشخيص المؤشرات والأعراض التي تنبئ بوقوع أزمة ما، والأزمات تحدث عادة بسبب عدم الإنتباه لتلك الإشارات.

  • المرحلة الثانية (الإستعداد للأزمة والوقاية): وتعني التحضيرات المسبقة للتعامل مع الأزمة المتوقعة بقصد منع وقوعها أو إقلال آثارها، ويجب أن يتوفر لدي المنظمة إستعدادات وإستراتيجيات كافية للوقاية من الأزمات، ويشمل ذلك الإختبار المستمر والدقيق للعمليات وهياكل الإدارة للتعرف على أي أعراض لأزمات محتملة.

  • المرحلة الثالثة (إحتواء أضرار الأزمة والحد منها): وتعني تنفيذ ما خطط له في مرحلة الإستعداد والوقاية والحيلولة دون تفاقم الأزمة وإنتشارها، ففي هذه المرحلة يتم إحتواء الآثار الناتجة عن الأزمة وعلاجها لتقليل الخسائر، فمن المستحيل منع الأزمات من الوقوع ما دام أن الميول التدميرية تعد خاصية طبيعية لكافة النظم، وبالتإلى فإن المرحلة التالية في إدارة الأزمات هي الحد من الأضرار ومنعها من الإنتشار.

  • المرحلة الرابعة (إستعادة النشاط): يجب أن يتوافر للمؤسسة خطط طويلة وقصيرة الأجل لإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل الأزمة وإستعادة مستويات النشاط، وهذه المرحلة إعادة التوازن، القدرة على إنجاز فعاليات مرحلة إعادة التوازن، وهو جانب يستوجب قدرات فنية وإدارية وإمكانيات كبيرة ودعما ماليا.

  • المرحلة الخامسة (التعلم): وهي المرحلة الأخيرة وتتضمن مرحلة التعليم دروسا هامة تتعلمها المؤسسة من خبراتها السابقة، وكذلك من خبرات المؤسسات الأخرى التى مرت بأزمات معينة يمكن للمؤسسة أن تمر بها، ونجد قليل من المؤسسات تقوم بمراجعة الدروس السابقة للتعلم من الأزمات التى حدثت، فالأمم الرشيدة هي التي لا تلقي بتجاربها المريرة في طي النسيان.

5. أساليب إدارة الأزمات:

أساليب إدارة الأزمات

تتعدد أساليب معالجة الأزمة، ويختلف أسلوب التعامل مع الأزمة بإختلاف المواقف وإختلاف السياسة والإمكانات، وكذلك ظروف الأزمة فهناك ثلاث أساليب عامة للتعامل مع الأزمات هم: أسلوب التفاوض الإكراهى، أسلوب التفاوض التوفيقى، أسلوب التفاوض الإقناعى.

وقد يبدو من الظاهر أن هذه الأساليب ليس بينهما إرتباط وكل منها يواجه ظروف أزمة بعينها، ولكن الواقع غير ذلك، فأساليب الأزمات بمثابة أدوات للتعامل مع الأزمات، كل بحسب ظروفها؛ ونتناول هذه الأساليب على الوجه الآتى:

1. أسلوب التفاوض الإكراهي (الضاغط): إذا أرادت الدولة أن تحقق كسباً ضد الخصم فإنها تلجأ إلى الضغط الإكراهي، ولكنها يجب أن تراعي ألا يقود هذا الضغط إلى حدوث كارثة تضر بمصالحها وهناك أسلوبين للضغط هما:

  • الأول بإستخدام الأسلوب القولي: ويتم من خلال إما بالتهديد الواضح وهو الذي يحدد الحد الأقصى للمصداقية، ولكن يعيبه إنعدام المرونة، حيث يضع أمام المهدد إلتزاماً بتنفيذ تهديده أو بالتهديد الناهض والذي يضمن حرية الحركة في إختيار البدائل ولكنه يقلل من المصداقية.

  • الثاني: السلوك الفعلى يعني عملية تصعيد فعلية للضغط على الخصم مثل القيام (بحصار بحري، تنفيذ عقوبات إقتصادية، توجيه أعمال شبه عسكرية، تنفيذ عمليات خاصة...).

2. أسلوب التفاوض التوفيقي: ويعتمد هذا الأسلوب على التفاوض أساساً لحل الأزمة، والأصل أن المفاوضة والمساومة هي الإستعداد للتنازل عن بعض المواقف مقابل تنازل الخصم عن بعض مطالبه، ويستخدم هذا الأسلوب في الحالات الآتية:

  • إذا كانت تكلفة تصعيد الأزمة أكبر مما تتحمله إمكانية الدولة.
  • عند حدوث تغيرات في المجال الداخلي والخارجي تجعل إستمرار تصعيد الأزمة أمرا غير مرغوب.
  • عندما تفشل الدولة في تحقيق أهدافها من خلال تصعيد الأزمة.
3. أسلوب التفاوض الإقناعي: إن الإقتصار على إستخدام أسلوب واحد لإدارة الأزمة لا يحقق الأهداف المرجوة، حيث أن إستخدام الأسلوب الإكراهي وحده قد يؤدي إلى قيام الطرف الأخر بالتعنت مما يؤدي إلى تصعيد الأزمة، كما إن إتباع أسلوب التفاوض التوفيقي وحده قد يؤدي إلى تقديم سلسلة من التنازلات التي قد تصل إلى حد الإضرار بمصالح الدولة، ولذا يجب على القيادة التي تتعامل مع إدارة الأزمة الجمع بين الأسلوبين بشكل متناسق وهو ما يعرف بالتفاوض الإقناعي.

6. أسباب نشوء الأزمات في المؤسسة:

أسباب نشوء الأزمات في المنظمة

حينما تتعرض المنظمة لمجموعة كبيرة من المشاكل، تصبح هناك خسائر فادحة يمكنها أن تهدد بقاء المنظمة، فعلى المنظمة أن تبحث عن كافة الأعراض والأسباب التي يمكن أن تستدل منها على حجم النتائج القادمة التي يمكن أن تتعرض لها المنظمة إن لم تواجه المشاكل والأزمات بكل موضوعية:

  • سوء الفهم: يمثل أهم أسباب نشوء الأزمات، فإن مثل هذه الأزمات رغم شدة عنفها يكون حلها سهلا بمجرد تبين الحقيقة، وعلى متخذ القرار الإداري أن يتأكد أولا من أن الأزمة التي يواجهها غير ناشئة عن سوء فهم سواء من جانبه أو من جانب الأطراف الأخري ذات العلاقة بالأزمة، وينشأ سوء الفهم عادة من خلال جانبين أولهما المعلومات المبتورة وثانيهما التسرع في إصدار القرارات قبل تبين حقيقتها، ومن هنا يجب على متخذ القرار أن يحرص على الحصول على المعلومات كاملة غير منقوصة أو مبتورة وأن يعطي لنفسه الوقت الكافي لإتخاذ قراره بنضج وروية. 

  • سوء الإدراك: يمثل الإدراك مرحلة إستيعاب المعلومات التي أمكن الحصول عليها والحكم التقديري على الأمور المعروضة، وهو بذلك يعد أحد مراحل السلوك الرئيسية والذي عن طريق هذه يتخذ السلوك والتصرف تجاهه شكلاً ومضموناً، فإذا ما كان هذا الإدراك غير سليم ونجم عن تداخل الرؤية سيكونان سبباً لنشوء أزمات عنيفة الشدة للكيان الإداري أو المشروع أو الدولة ناجما عن إنفصام العلاقة بين ذلك الكيان والقرارات المتخذة.

  • سوء التقدير والتقييم: يعتبر من أكثر أسباب نشوء الأزمات وخاصة في حالة الإصطدام العسكري الناشئ عن الإفراط في الثقة غير الواقعية وإستمرار خداع الذات بالتفوق، فضلا عن سوء تقدير قدرات الطرف الآخر والتقليل من شأنه، ما يسفر عن سوء تقدير للموقف برمته وتزداد التوازنات إختلالاً إذا أستغل الطرف الآخر نظيره فعمد إلى حشد طاقاته والإستعداد الجيد للمواجهة التي يختار توقيتها الملائم ويحقق المفاجأة التي تفقد الطرف الأول توازنه فيختل تفكيره ويلجأ إلى أساليب عشوائية تتمخض بأزمة مدمرة يصاحبها غالبا ضغوط عنيفة تطيح الكيان.

  • الإدارة العشوائية: هي الإدارة التى يمارسها متخذ القرار وفقاً لما يمليه الموقف وتبعاً لرؤيته الشخصية ودون أي تخطيط، وينشأ عن هذا النوع من الإدارة العديد من الأزمات العنيفة التي تهدد الكيان الإداري بأكمله.

  • الرغبة في الإبتزاز: يقوم على السيطرة على متخذ القرار في الكيان الإداري وإيقاعه تحت ضغوط نفسية ومادية وإستغلال مجموعة من التصرفات الخاطئة السرية التي قام بها في الماضي والتي لا يعلمها أحد من العاملين معه والتي أمكن معالجتها لإجباره على القيام بتصرفات أكثر خطأ وأشد ضرراً، ولكي تصبح هذه التصرفات الجديدة مصدرا لتهديد وإبتزاز جديد له ولإجباره بالقيام بتصرفات تكون شديدة الخطأ والضرر.

  • تعارض الأهداف: قد يحدث ذلك بين منفذى القرار ومتخذ القرار في الكيان الإدارى، مما يخضع هذا الكيان للتأثيرات المتعارضة لرغبات كل طرف وتعرضه للإنهيار (تعارض الأهداف بين صانع القرار ومتخذ القرار والمنفذ والمستفيد أو المستفيدين، وإختلاف الرؤي بينهم قد يؤدى إلى نشوء أزمة).

  • اليأس: يعد اليأس في حد ذاته أحد الأزمات النفسية والسلوكية التي يتعرض لها متخذ القرار، وإن كان يجب النظر إلى أن الأزمة التي يسببها هذا الباعث على أنها أزمة إحباط ويأس حيث يفقد متخذ القرار الرغبة والدافع على العمل والتطوير وتتفاقم الأزمة لتصبح حالة إغتراب بين القرار والكيان الإداري الذي يعمل فيه.

  • الشائعات: الكثير من الأزمات عادة ما يكون مصدرها الوحيد هو إشاعة أطلقت بشكل معين، وتم توظيفها وتسخيرها بإستخدام مجموعة حقائق صادقة قد حدثت فعلا، وبالتالي فإن إحاطتها بهالة من البيانات والمعلومات الكاذبة والمضللة وإعلانها في توقيت معين وفي إطار مناخ وبيئة جيدة يؤدى إلى تفجير الأزمة أو تصاعدها وتوليد أزمات أخرى.

  • إستعراض القوة: يتم من جانب الكيانات الكبيرة للسيطرة على الكيانات الصغيرة أو إختبار وقياس ردود الفعل على بعض عناصر قوتها مع تراكم جملة عوامل تساهم في إحداث الأزمة، ومن أمثلة هذه الأزمات، أزمة الصواريخ الكورية وأزمة لوكيربي وأزمة شركات توظيف الأموال.

  • الأخطاء البشرية: هي أحد أسباب نشوء الأزمات سواء كانت في الماضي أو الحاضر أو المستقبل بل قد تكون عاملا من عوامل نشوء كارثة تتوالد منها أزمات عديدة تكشف عن خلل في الكيان الإداري، وكذلك اليأس والإحباط أمام شعور الأفراد بالإغتراب وفقد القدرة على العمل والإنجاز والتطوير.

  • الأزمات المخططة: يطلق عليها الإختناقات الأزموية المخططة حيث تعمل بعض القوي المنافسة للكيان الإداري على تتبع مسارات عمل هذا الكيان، ومن خلال هذا التتبع يتبين لها عمليات التشغيل ومراحل الإنتاج والتوزيع وظروف كل مرحلة من هذه المراحل من المدخلات المختلفة ومقدار إعتماد كل مرحلة على المرحلة السابقة لها أو اللاحقة عليها.

  • تعارض المصالح: حيث يعمل كل طرف من أصحاب المصالح المتعارضة على تأزيم المواقف سعياً وراء تعظيم المكاسب مما يؤدى إلى إنفجار الأزمة وعدم القدرة على إيقاف تداعياتها.
google-playkhamsatmostaqltradent