recent
أخبار ساخنة

ما هو البحث العلمي؟

البحث العلمي

يعتبر البحث العلمي من الأدوات التي إستخدمها الإنسان منذ زمن طويل، ودلائلها واضحة بتتبع التطور الذي تم الوصول إليه حتى يومنا هذا في مختلف المجالات.

1. تعريف البحث العلمي:

قبل التعريف بالبحث العلمي، سنقوم أولا بالتعريف بمصطلح البحث بصفة عامة.

  • تعريف البحث لغة: يعني الطلب، التفتيش أو التقصي، حيث أنه مشتق من الفعل بحث بمعنى طلب، فتش أو تقصى، وعرف معنى الإستفسار والإستخبار عن شيء معين.

  • تعريف البحث إصطلاحا: هو محاولة لإكتشاف المعرفة والتنقيب عنها وتنميتها وفحصها وتحقيقها، ويتم ذلك عادة بتقصي دقيق ونقد عميق وأخيرا عرضها.

البحث هو التعمق في معرفة أي موضوع للوصول إلى حقيقته بهدف إكتشافه أو عرضها، وتجدر الإشارة إلى أن كل علم معرفة وليس بالضرورة كل معرفة علم، فالمعرفة ليست مرادف لمفهوم العلم، كونها تتضمن معارف علمية وغير علمية، والعلم يخص فقط المعرفة المصنفة والمنسقة التي تم الوصول إليها بإتباع قواعد المنهج العلمي.

أما البحث العلمي من الجانب الإصطلاحي له عدة تعاريف نأخذ من بينها:

  • البحث العلمي هو التقصي المنظم بإتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها وإضافة الجديد لها.

  • البحث العلمي هو وسيلة للإستعلام والإستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض إكتشاف معلومات أو علاقات جديدة، على أن يتبع في هذا الفحص والإستعلام الدقيق خطوات منهج البحث العلمي وإختيار الطريقة للبحث وجمع البيانات.

البحث العلمي هو الدراسة الموضوعية التي يقوم بها الباحث في أحد الإختصاصات الطبيعية أو الإنسانية والتي تهدف إلى معرفة واقعية ومعلومات تفصيلية عن مشكلة معينة يعاني منها المجتمع والإنسان سواء كانت هذه المشكلة تتعلق بالجانب المادي أو الجانب الحضاري للمجتمع.

والدراسة الموضوعية للجوانب الطبيعية أو الإجتماعية قد تكون دراسة مختبرية أو تجريبية أو دراسة إجرائية أو دراسة ميدانية إحصائية أو دراسة مكتسبة، تعتمد على المصادر والكتب والمجلات العلمية التي يستعملها الباحث في جمع الحقائق والمعلومات عن المشكلة المزعم دراستها ووصفها وتحليلها.

من خلال التعاريف السابقة، يمكن القول أن الهدف الأساسي للبحث العلمي هو التحري عن حقيقة الأشياء ومكوناتها وأبعادها ومساعدة الأفراد والمؤسسات على معرفة محتوى ومضمون الظواهر التي تمثل أهمية لديهم أو لديها، ومما يساعدهم على حل المشكلات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الأكثر إلحاحا، وذلك بإستخدام الأساليب العلمية والمنطقية.

2. خصائص البحث العلمي:

يمكن أن نستنتج خصائص البحث العلمي من خلال التعاريف السابقة وهي كما يلي:

  • البحث العلمي بحث موضوعي.
  • البحث العلمي بحث تفسيري لأنه يهتم بتفسير الظواهر والأشياء بواسطة مجموعة متسلسلة ومترابطة من المفاهيم تدعى النظريات.
  • البحث العلمي يتميز بالعمومية في دراسة وتحليل الظواهر معتمدا في ذلك على العينات.
  • البحث العلمي بحث منظم ومضبوط لأنه يقوم على المنهجية العلمية بمفهومها الضيق والواسع، الأمر الذي يجعل البحث العلمي أمر موثوق به في خطواته ونتائجه.

من أهم الصفات الأساسية للبحث العلمي الممنهج هو ما يلي:

  • الموضوعية، فخروج الباحث أثناء إعداد الدراسة العلمية عن الموضوعية والحياد يجعل من قيمة البحث لا تساوي شيء.

  • التنظيم، كون العشوائية ليس مكانها البحث العلمي، والأخذ بضوابط البحث العلمي ومناهجه يساعد الباحث كثيرا في تحقيق مراده.

  • الواقعية هي الصفة الممكنة للباحث من إعداد الدراسة ومن تحقيق أهمية الدراسة.

  • التجذر في البحث هو إرتباط البحث بالدراسات السابقة مع مراعاة إتصال مشكلة البحث بالواقع الإجتماعي أو العلمي البحثي.

3. مراحل البحث العلمي:

البحث العلمي

تمر عملیة البحث بمراحل ثلاثة رئیسیة ھي: المرحلة التحضیریة، المرحلة المیدانیة والمرحلة النھائیة، وتتضمن كل مرحلة منھا مجموعة من الخطوات.

  • المرحلة التحضیریة: یقوم فیھا الباحث بإختیار مشكلة البحث وصیاغتھا وتحدید المفاھیم والفرضیات العلمیة، وتحدید نوع الدراسة التي یقوم بھا، وكذا نوع المنھج المستخدم في البحث والأدوات اللازمة لجمع البیانات، كما یقوم بتحدید مجالات البحث الثلاثة (البشري، المكاني، الزمني).

  • المرحلة المیدانیة: یقوم الباحث في ھذه المرحلة بجمع البیانات إما بنفسه أو بمساعدة الباحثین المیدانیین الذین یستعان بھم في أغلب الأحیان في البحوث الكبیرة التي تجریھا مراكز البحث العلمي والھیئات والمؤسسات العامة، وتتضمن ھذه المرحلة القیام بالإتصالات اللازمة بوحدات عینة الدراسة وإعداد الباحثین المیدانیین وتدریبھم، والإشراف علیھم أثناء جمع البیانات من المیدان للوقوف على ما یعترضھم من صعوبات، والعمل على تذلیلھا، ثم مراجعة البیانات المیدانیة لإستكمال نواحي النقص فیھا والتأكد من أنھا صحیحة ودقیقة ومسجلة بطریقة منظمة.

  • المرحلة النھائیة: یقوم الباحث بتصنیف البیانات وتفریغھا وجدولتھا وتحلیلھا وتفسیرھا، ثم یقوم بكتابة تقریر مفصل یشتمل على كل الخطوات التي مرت بھا عملیة البحث.

4. أنواع البحث العلمي:

أنواع البحث العلمي

ھنالك عدة تقسیمات لـ أنواع البحث العلمي، یمكن حصرھا في (البحوث النظرية، بحوث تطبيقية، بحوث إستكشافية، بحوث وصفية وبحوث تجريبية).

1. بحوث نظریة: تھدف البحوث النظریة الوصول إلى الإحاطة بالحقیقة العلمیة وفھم أشمل وأعمق لھا، رغبة في الإطلاع وإشباع الطموح العلمي، بغض النظر عن التطبیقات العلمیة یدرس البحث العلمي النظري الموضوعات والأفكار العلمیة الأدبیة والإجتماعیة التي تعرف بالعلوم الإنسانیة كالأدب والتاریخ والفلسفة. 

وھذا النوع من البحوث یؤدي إلى إضافة مساھمة علمیة تعمل على تنمیة المعرفة وتوضیح المفاھیم النظریة وجعلھا أكثر شمولیة واتساعا، دون النظر إلى التطبیقات العملیة ذات العلاقة بموضوع معین.

وبعبارة أخرى تھدف البحوث النظریة إلى إضافة معلومات أو معارف جدیدة لمجال معین، دون الحاجة إلى إختبارھا عملیا، كمثال على ذلك نظریة المنافسة التامة التي تعتبر بأنھا نظریة خیالیة أكثر مما ھي واقعیة.

2. بحوث تطبیقیة: یھدف ھذا النوع من البحوث إلى إختبار صحة بعض النظریات، وذلك من خلال إختبار بعض الفرضیات عن طریق التطبیق المباشر للمعارف العلمیة المتوفرة والتثبت من صحتھا على أرض الواقع.

وتعمل البحوث التطبیقیة على البحث عن حلول جدیدة لمشكلات میدانیة واقعیة، كما أنھا تعمل على إضافة أسالیب جدیدة للتعامل مع المشكلات الحالیة، أو تطویر الأسالیب والممارسات المتبعة في العدید من المجالات كالصحة والتعلیم والإنتاج والتسویق والإدارة والإقتصاد وغیرھا؛ كمثال على ذلك إختبار الفرضیة مثلا التي تقول أن الھیاكل التنظیمیة الأفقیة أكثر مرونة وأكثر فعالیة من الھیاكل التنظیمیة العمودیة.

3. بحوث إستكشافیة: تعبر عن البحوث التي تھدف إلى تكوین رؤیة أولیة حول مشكلة محددة تواجه الباحث، بحیث یمكن تحدید مدى الحاجة إلى بحوث إضافیة، ویمكن القول إن الھدف من البحث الإستكشافي ھو تحدید المشكلة وبناء الفرضیات.

یمثل ھذا النوع من البحوث الخطوة الأولى من خطوات البحث العلمي، إذ أن الباحث یسعى إلى تحدید المشكلة تحدیدا دقیقا عن طریق جمع البیانات ذات العلاقة؛  فالظاھرة ما غالبا ما تكون لھا العدید من الجوانب وغالبا ما لا نجد لھا متغیر واحد یتحكم فیها، وعلیه فإن البحث الإستكشافي یمكننا من الكشف عن جانب من جوانب الظاھرة كان غامضا.

وتتمیز البحوث الإستكشافیة بالمرونة والإعتماد على قدرة الباحث وخبرته في إكتشاف وتفسیر العلاقات بین المتغیرات المتعلقة بالظاھرة موضوع البحث، وفي المقابل تعاني البحوث الإستكشافیة من عدم قدرتھا على إعطاء إجابات محددة عن الأسئلة التي یثیرھا الباحث، ویعزى ذلك إلى صغر حجم العینات المدروسة، مما یجعل تعمیم النتائج أمرا غیر ممكن.

4. بحوث وصفیة: تشیر إلى البحوث الرامیة إلى جمع بیانات، ومن ثم تحلیلھا بدقة وموضوعیة لحل مشكلة محددة، والبحوث الوصفیة تصف الظاھرة كما ھي في الواقع، وبالتالي فھي تساھم في بناء النظریات الواقعیة، وعلیه تعد البحوث الوصفیة ذات فائدة كبیرة لصناع القرار، حینما یكون أمامك عدد من البدائل، وتظھر الحاجة إلى معلومات على تقییم البدائل وإختیار الأفضل منھا.

یقوم بھذا النوع من البحوث الطلبة في الجامعات والمعاھد خلال مرحلة التدرج لغرض تدریبھم على كیفیة إعداد البحوث العلمیة من الناحیة الشكلیة والموضوعیة؛ حیث یتعود الطالب على كیفیة إختیار موضوع البحث العلمي ضمن المواضیع المقترحة من طرف الأستاذ وكیفیة جمع الوثائق العلمیة والإطلاع علیھا، وبعد ذلك وضع خطة وفقا لمعاییر علمیة، كما یكتسب الطالب خلال ھذه لمرحلة أسلوبا علمیا یساعده في التحریر، وكذلك عرض ھذه البحوث أمام الطلبة والأستاذ بغرض إكتساب جرأة أدبیة تساعده في تكوین نفسه إستعدادا لبناء مستقبله العلمي.

5. بحوث تجریبیة: ھي بحوث تعتمد على إجراء التجارب العلمیة، وتعبر التجربة عن تدبیر محكم یتدخل الباحث فیه عن قصد في تصمیم الظروف المحیطة بظاھرة معینة، بھدف الوصول إلى نتائج تفسر العلاقة بین المتغیرات المؤثرة في الظاھرة موضوع البحث.

وتستخدم البحوث التجریبیة في إختبار صحة الفرضیات ودراسة العلاقات بین متغیرات، متغیر مستقل ومتغیر تابع، ویتحكم الباحث في المتغیرات، حيث یثبتھا جمیعھا بإستثناء واحد منھا في كل مرة، لكي یقیس أثره على سلوك الظاھرة محل البحث.

من البحوث الرائدة في مجال الفكر الإداري تلك البحوث التجریبیة التي أجراھا الباحث "إلتون مایو" في مصانع "ھاوثورن" بشركة "وسترن الكتریك" بالولایات المتحدة الأمریكیة والتي كانت سببا في تطوره، حیث أصبحت الإدارة مجال معرفي یخضع لتطبیقات المنھج التجریبي.

6. بحوث التخرج (مذكرة التخرج): یتم إعداد ھذه البحوث في نھایة الدراسة الجامعیة (اللیسانس والماستر) بالنسبة لبعض التخصصات بھدف توسیع معارف الطالب وتنظیم أفكاره وإبراز مواھبه، ولا یشترط في ھذه البحوث المثالیة، فالقیمة العلمیة لھا تتمثل في إتباع الطالب لقواعد خطوات إعداد البحث.

ومن ثمة تطبیق التعلیمات المقدمة له في ھذا الشأن، أي أن ھذا النوع من البحوث یتعلم فیه الطالب تطبیق مبادئ البحث العلمي، وھذا النوع من البحوث یناقش ویقیم في نھایة الدورة من طرف لجنة المناقشة.
google-playkhamsatmostaqltradent