recent
أخبار ساخنة

ما هي العوامل الإجتماعية والثقافية التي تأثر على المزيج التسويقي الدولي؟

العوامل الإجتماعية والثقافية التي تأثر على المزيج التسويقي الدولي:

ما هي العوامل الإجتماعية والثقافية التي تأثر على المزيج التسويقي الدولي؟
إلى جانب المؤثرات الإقتصادية والتي إستعرضنا أهمها سابقا، توجد أيضا مؤثرات ثقافية وإجتماعية، حيث أن المؤثرات الإجتماعية والثقافية بدورها لها تأثير على نشاط التسويق الدولي، ومن أهم المؤثرات التي يجب على المسوق الدولي مراعاتها عند تحليل البيئة الثقافية ما يلي:

1. التعليم: 

المقصود هنا المستوى التعليمي لأفراد المجتمع المستهدف ومدى إجادتهم للقراءة والكتابة وإستعمال الوسائل التكنولوجية، فمن الأهمية إذن التعرف على نسبة الأميين من المستهلكين المستهدفين قياسا بالمجموع العام للسكان، فعندما تتباين معايير التعليم بين الأمم من شأن ذلك أن ينعكس على الطلب من السلع والخدمات دوليا، فلا يمكن مثلا طرح على مستوى المجتمعات غير المتعلمة السلع الكثيفة التكنولوجية والتي تحتاج إلى وجود معلومات مكتوبة حول كيفية وطريقة الإستخدام.

كذلك إذا قررت الشركة دخول سوق فيها نسب عالية من الأمية فقد تجد صعوبة في كيفية الاتصال بالمستهلكين، وتصبح مطالبة بإختيار الأدواتها التسويقية الأنسب والأكثر تأثيرا، وهذا ينطبق على برنامج الإعلان، التعبئة والتغليف، كما قد نجد على مستوى بعض المجتمعات ولو على قلتها، إستبعاد بعض الفئات من التعلم كإستبعاد تعلم المرأة لأسباب مختلفة (عادات، تقاليد، ديانات) ما يجعل البرامج التسويقية الدولية تتباين بشكل واضح من مجتمع لآخر.

التعلم عنصر لابد من أخذه بالإعتبار من قبل المسوق الدولي في وصفه للبيئة الثقافية، نظرا لأهميته من خلال علاقته مع القنوات التوزيعية ونوعيتها، من حيث أن القائمين على أمور القنوات التوزيعية ودرجة تعلمهم وثقافتهم ومناولتهم للسلع يسهم في تحقيق إنسيابية أفضل للسلع والخدمات.

2. اللغة:

تعتبر اللغة المفتاح الأساسي للتفاهم بين الشعوب، ودائما ما كان التعرف على لغة الشعوب هدفا أساسياً في التبادلات التجارية، فمن تعلم لغة قوم عرف مكرهم، وتعلم لغة قوم معناه الإطلاع والتعرف على ثقافتهم وحضارتهم، فهي المدخل إلى الدراسة والتعرف، وتبقى مسألة اللغة التي تعتبر وسيلة للتعبير والتعارف ونقل المعلومات والأفكار. 

بالنسبة لطاقم الشركات والمنشآت العالمية على رأس قائمة الأمور الواجب التغلب عليها دولياً، ومهما استخدم المسوق الدولي من رموز وصور لذا معانيها دوليا، فإن هذا قد لا يكفي في التفاهم والتخاطب مع العملاء المستهدفين، حيث يجب أن تقدم السلع والخدمات للمستهلك باللغة التي يفهمها.

فقد يلاحظ مدى التمدن الذي وصلت إليه بعض الدول والتي تستخدم أكثر من لغة واحدة محليا، وإن لم تعد مشكلة كما هو الحال بالنسبة لبلجيكا وسويسرا، ولكن المشكلة تكون معقدة عند الدول التي تستخدم عدد كبير من اللغات واللهجات المحلية كما هو الحال بالنسبة للهند (260 لغة ولهجة محلية) وإثيوبيا (70 لغة و200 لهجة). 

فالمسوق الدولي مطالب أن يتسلح بلغة حية على الأقل إلى جانب لغته الأم، لأنه مقبل في إطار مزاولة عمله على السفريات للخارج ومقابلة أشخاص من ثقافات مختلفة، ففعاليته في تسيير أموره تأتي من الإستزادة بالمعرفة من خلال إتقان لغة أو لغات أخرى حية.

هذا وقد قامت بعض الشركات بإستخدام الترجمة في كثير من معاملاتها الخارجية للمزيد من التوضيح حول كيفية إستهلاك أو إستخدام منتجاتها، ولكن يجب أن لا نغفل أن الترجمة لا تخلو من عدم الدقة ما قد يجعل المفاهيم تأخذ مساراً مغايرا. 

وبالتالي قد تشكل خطراً على العملية التسويقية، والتجارب أثبتت أنه في الكثير من الأمور لا يمكن أن تترجم المعاني بكافة دلالاتها، وأسماء السلع قد تتأثر بهذا الجانب ما دامت أسماء السلع هذه لا تترجم بل تبقى حاملة لأسمائها الأصلية، وهذا ما قد يلحق بالشركة ضررا على مستوى بعض الأسواق عند إستخدامها للإسم الدولي للسلعة، حتى إن كانت الحملة اللغوية كافية ومؤثرة.

فالشركات الراغبة في غزو الأسواق الخارجية إذن مطالبة بتصميم برامجها للاتصالات بلغة أو لغات مفهومة من غالبية العملاء المستهدفين، وعند إختيارها للغة فيجب أن تكون هذه اللغة متضمنة للمعاني والعبارات التي من شأنها التأثير على طلب السلعة، وما نلاحظه اليوم على مستوى الأسواق الدولية أن بعض الشركات تفضل إستخدام لغة عالمية (الإنجليزية غالبا) في معاملاتها الدولية، عوض لغتها المحلية، فالشركات الصينية واليابانية والألمانية يستخدمون اللغة الإنجليزية كلغة معاملات.

3. الدين:

لعامل الدين إعتبار لا يمكن إغفاله من طرف المسوق الدولي عند محاولته التعرف على البيئة التسويقية الدولية ذلك أن الدين يؤثر وإلى حد بعيد على نمط المعيشة والسلوك الشرائي للمستهلك، وبالتالي قد يكون عائقا في تحديد المواقف حيال عرض بعض السلع والخدمات أو طلبها. 

كما لم يعد الدين مقتصر على شعب واحد دون الآخر، فبسبب الحروب والنزاعات، وما نجم عنها من تفاقم ظاهرتي اللجوء والهجرة، إنتشرت الديانات في جميع أنحاء العالم وهذا ما أثر على تركيبة الشعب الواحد وأصبح يضم ديانات أخرى إلى جانب ديانته الأصلية؛ في ما يلي أهم الإعتبارات ذات الصلة بالجانب الدين التي يجب على المسوق الدولي مراعاتها عند دراسة البيئة الثقافية الدولية:

  • النمط الإستهلاكي يرتبط ويتأثر إلى حد بعيد بالجانب الديني، كموقف الهندوس من أكل لحم البقر، وموقف المسلم من إستهلاك الخمور ولحم الخنزير ومواد غذائية أخرى تتضمن مكوناتها مواد محرمة، لهذا عملت الشركات الراغبة في دخول أسواق الدول الإسلامية على وضع كلمة "حلال" على واجهة محلاتها كالمطاعم أو على الأرفف في المساحات التجارية أو على غلاف وعبوة المنتجات المسوقة.

  • الأعياد والمناسبات الدينية تختلف من بلد لآخر، ففي الجزائر هناك خمس عطل دينية بينما في إيطاليا مثلاً هناك 13 عطلة، ففي هذه المناسبات توجد بعض السلع قد يزداد إستهلاكها وعرضها، كشهر رمضان مثلاً فقد يزداد الطلب على الحلويات وبعض الدواد الغذائية.

  • بعض المراكز الدينية أو المرجعيات الدينية تقوم في بعض الظروف بحملات إعلانية حيال بعض المنتجات المستوردة ومدى صلاحيتها وشرعيتها في الإستهلاك أو الإستخدام.

4. التنظيم الإجتماعي:

من الأهمية بمكان بالنسبة للمسوق الدولي التعرف على طبيعة إرتباطات أفراد المجتمع بعضهم بعض، ونقصد هنا على سبيل المثال طبيعة الأسرة وحجمها وتركيبها، حيث توجد ظواهر معينة ذات الصلة جديرة بالمتابعة والدراسة، كنوع الأسرة، كذلك حجم الأسرة 

  • هل متوسط أفراد الأسرة كبير أو صغير؟
  • ما هي وظائف أفراد الأسرة؟ 
  • هل المرأة ماكثة في البيت أم شغالة؟ 
  • ما هي أعمار أفراد الأسرة؟ على من يقع عاتق توفير الاحتياجات الأساسية؟ 

فالمسوق الدولي ينظر إلى هذه الإعتبارات وغيرها بشكل جدي لأن ذلك يرتبط أساسا بالإستهلاك، على سبيل المثال في الجزائر متوسط حجم الأسرة هو 8 أفراد لهذا نجد بعض المنتجات المعروضة في السوق كالزيت والدقيق وبعض البقول الجافة هي من الحجم الكبير.

ويلاحظ أنه نتيجة التحولات والتطورات الجارية على مستوى دول العالم وخاصة تلك المرتبطة بالجانب الإقتصادي فإن تركيبة الأسرة داخل هذه الدول بدأت تأخذ مسارا آخر، فهناك إتحاد على مستوى هذه الدول على أن يكون حجم الأسرة صغيرا، كذلك بقاء الأولاد في البيت العائلي بعد سن الثامنة عشر قد لا يبدو مستحبا من الطرفين، فمن شأن كل هذا التأثير على زيادة أو خفض الطلب على ما هو معروض.

5. الإعتبارات والجوانب الفنية:

والمقصود هنا ضرورة إهتمام المسوق الدولي بالإعتبارات الفنية وفقا للذوق السليم الذي قد ينعكس في رغبات المستهلك، ومن أهم هذه الاعتبارات نجد:

1. التصميم أو الإخراج: أضحى لجانب إخراج أو تصميم المنتج أهمية متزايدة في بيئة الأعمال السريعة التنافسية العالمية في الوقت الحالي، حيث يعد هذا الجانب عاملاً حاسماً في مصالح الشركة لأنه يحدد خصائص وأداء الخدمة أو الجودة التي تستهوي المستهلك، فالمنتجات المصممة بجودة تساهم بشكل كبير في نمو الطلب. 

ومثال على ذلك أن الشركة اليابانية لصناعة السيارات "هوندا" صدرت إلى فرنسا سيارات تختلف في تصميمها وشكلها عن تلك المصدرة إلى دول الجوار، حيث راعت الشركة في تصميم الهيكل الخارجي إعتبارات فنية تتناسب والذوق العام، حيث عرضت الشركة سيارات تتشابه إلى حد ما مع تصاميم السيارات الفرنسية وهذا ما ساهم في الرفع من مبيعاتها.


2. اللون: يعتبر اللون من الجوانب الفنية التي يجب مراعاتها من قبل المسوق الدولي عند إخراج السلعة، فمن خلال اللون المعتمد في الغلاف أو العبوة قد تظهر الجوانب التي يتطلع إليها المستهلك كالقبول أو الرفض، وللون إعتبارات مختلفة تكون في الغالب مبنية على أسس غير موضوعية، عند شعوب العالم وحتى عند شعب البلد الواحد. 

فما هو متعارف عليه في منطقة ما قد لا يكون سائدا في منطقة أخرى، فاللون الأسود قد يعتبر في قاموس عادات وتقاليد بعض الدول منها العربية لون حزن، عكس في قاموس العادات لدول أخرى على غرار بعض الدول الأسيوية أين يعد اللون الأبيض لونا للحزن. 

واللون الأحمر لونا للحرب، كما تنظر بعض دول أمريكا اللاتينية المجاورة لنهر الأمازون للون الأخضر على أنه إشارة إلى الموت والمرض أو الغابة المريضة ومثل هذا الاعتقاد يكون غير شائعا في دول أخرى. فإعطاء لون للسلعة دون مراعاة الأعراف ذات الصلة والسائدة في السوق المستهدفة من شأنه أن يؤثر سلبا على طلب السلعة.

3. الموسيقى: الموسيقى جزء من حضارة الأمم وجزء من تاريخها الثقافي فهي تعكس جوانب مختلفة من السلوك الإجتماعي للشعوب، ومن خلال الموسيقى أيضا تظهر جوانب الرضا أو عدم الرضا وغيرها من الجوانب التي يتطلع إليها الأفراد. 

فإستخدام الموسيقى المحلية في الحملات الإعلانية المسموعة له أثر إيجابي على الطلب المحلي، على سبيل المثال في مصر لترويج منتجاتها كشحوم وزيوت المركبات تستخدم الشركة الفرنسية للمحروقات "توتال" الموسيقى الشعبية في الإعلانات التلفزيونية.

4. الإسم التجاري للسلع: الإسم التجاري جانب آخر من الجوانب التي تتضمنها سياسة المنتجات، فلابد من إعطاء اسم للسلعة ليميزها من بين السلع الأخرى بشرط أن يؤخذ في الإعتبار في إختياره بعض الأمور كبساطة الكتابة والقراءة وسهولة النطق، وعكس ذلك قد يضر بالمبيعات، كما يجب على المسوق الدولي أن لا يفكر بمنطق قبول إسم السلعة محليا سيكون مقبولا أيضاً دوليا، فعليه أن يتحرى حول مدى قبول الأسواق الخارجية المستهدفة للإسم التجاري المقترح وماذا يعتبر في ثقافتهم؟

وفي هذا الخصوص نجد أن الشركات العالمية حافظت على الأسماء الأصلية لسلعها عند غزوها للأسواق التصديرية حيث نالت شهرة عالمية نتيجة لظروف تسويقية معينة كمنتجات "بيبسي كولا" أو "كوكا كولا" أو "أديداس" أو "نايكي" وغيرها من الأسماء العالمية، بينما فضلت بعض الشركات تكييف أسماء سلعها لتكون لها دلالة محلية لكي تلقى مثل هذه الأسماء القبول الأحسن. 

وفي السنوات الأخيرة ونتيجة لزيادة تدفق السلع الأجنبية إلى العالم العربي فغالبا ما أعطيت لهذه السلع أسماء عربية لها دلالة، كما نجد أن بعض الشركات قد فضلت ترجمة أسماء سلعها بمعانيها وليس بألفاظها كما هو الحال بالنسبة للجبنة الفرنسية "البقرة الضاحكة" كما هو الحال في الجزائر. 

وبعض الشركات على سبيل المثال شركات الحليب ومشتقاته "لويا" و"كانديا" وشركات مواد التنظيف "إيزيس" ومعجون الأسنان "سينيال" وغيرها، اختارت أن تترجم أسماء سلعها بألفاظها كما هو الحال في الوطن العربي، فكل هذه الإستراتيجيات تهدف إلى الرفع من الطلب على السلع.

6. المواقف والتأثر الحضاري والإستهلاك:

بعد ما تم إستعراضه آنفا من عوامل مختلفة تدخل في مجال التأثير على طلب المنتجات المعروضة دوليا مدلوله أن العوامل الثقافية لها أثرها على الاستهلاك أولا، كما يمكن من خلالها إجراء تغيير سلوك ومواقف المستهلكين حيال منتجات جديدة في السوق الأجنبية وهذا من شأنه أن يسهم في الرفع من الطلب على ما هو معروض، لكن ما يجب الإشارة إليه في هذا السياق أن بعض الجوانب الحضارية المرتبطة أصلا بالإستهلاك على الرغم من قرب "المسافة النفسية" بين المجتمعات إلا أننا نجد أنه على مستوى بعض المجتمعات قد حققت نسبا عالية في إستهلاك سلعة ما دون السلع الأخرى.

فمثلا إستهلاك مادة رقائق حبة الذرة ومشتقاتها في إيطاليا يفوق إستهلاكها نسبيا في أي بلد أوروبي آخر، فعلى الرغم من وجود تشابه إلى حد كبير في الظروف الثقافية عند إيطاليا وباقي الدول الأوروبية فهناك تباين نسبي بينهم في إستهلاك هذه المادة، والحالة تنطبق كذلك على إستهلاك مادتي القهوة والشاي في فرنسا وإيطاليا.

فرغم أن وجود هاتان المادتان في البلدين لهما نفس الأقدمية إلا أن إستهلاك القهوة في فرنسا يفوق إستهلاك الشاي والعكس صحيح في إيطاليا رغم الحملات الإعلانية لتشجيع الطلب على الشاي دون القهوة في فرنسا، إذ من الصعب في بعض الأحيان قبول سلعة في مجتمع معين وفق ظروف معينة، كإستيراد سلعة وعرضها في السوق وتوقع الطلب عليها، ولمحولة الإستفادة من بعضها البعض قد تغير من النهج الإستهلاكي.

بالنسبة للمواقف فالسلع التي تدخل بها الشركات الأجنبية إلى الأسواق التصديرية قد تبدو جديدة في تلك الأسواق وإنطباع ومواقف المستهلكين بهذه السلع هي أيضاً قد تكون متفاوتة وهذا ما يشكل موقف لساطرة أو نحديا بالنسبة للشركات خاصة فيما له صلة بالنهج الإستهلاكي والطلب على السلع، قد نجد فعلا الكثير من المواقف مرتبطة بالأنشطة الإقتصادية السائدة في البلد، ولكن لا مجال للشك في وجود مواقف إجتماعية وثقافية قد تكون هي الأخرى مؤثرة إلى حد بعيد، فمن شأن المواقف الإجتماعية أن تحول دون الطلب على السلع.

فهناك بعض المجتمعات تنتشر فيها مظاهر القومية والوطنية كما هو الحال في بعض الدول العربية ومنها الجزائر، حيث تقوم حكومات هذه الدول بحملات كثيفة تحت عنوان "إستهلك منتوج وطني" لتشجيع أفراد على إستهلاك المنتجات الوطنية، وفي هذا الخصوص كذلك قد نجد مجتمعات مفتوحة تقبل فيها مختلف المنتجات بشكل طبيعي، بينما ترفض مثل هذه المنتجات لأسباب أخلاقية أو لمخالفتها للقواعد المتعارف في مجتمعات أخرى.
google-playkhamsatmostaqltradent