الحقوق التفضيلية للإكتتاب:
1. مفهوم الحقوق التفضيلية للإكتتاب:
الحق التفضيلي للإكتتاب عبارة عن حق مرتبط بكل سهم قديم، يسمح لحامله بالإكتتاب في الإصدارات الجديدة من الأسهم العادية التي تطرحها الشركة التي يمتلك أسهمها، وهو في جوهره عبارة عن خيار شراء تتمثل ورقته الأصلية في سهم الشركة المصدرة للحق وسعر تنفيذه هو سعر إصدار الأسهم الجديدة.
أما فترة التنفيذ فهي مدة عملية رفع رأس مال الشركة من خلال حصص نقدية والتي عادة ما لا تزيد في الجزائر مثلاً عن 14 يوماً ولا تقل عن 05 أيام، وهي فترة قصيرة جدا إذا ما قورنت بالمدة التي تتضمنها خيارات شراء الأسهم الأصيلة، وهذا ما يجعل القيمة النظرية لهذا الحق مشابهة لقيمة عقد خيار قيمته الزمنية جد ضعيفة، نظير القصر الشديد لفترة حياته.
هذا ويمكن أن تختزل الحقوق التفضيلية للإكتتاب في مجرد حقوق أولوية وذلك في الحالة التي يتساوى فيها سعر إصدار السهم مع قيمته السوقية، إذ تصبح قيمته البيعية شبه معدومة؛ أما في الحالة التي تصبح فيها القيمة السوقية للسهم أقل من سعر الإصدار، فيتخلى قدماء المساهمين عن تنفيذ الحقوق التي منحت لهم من طرف الشركة ولا يجدون أي مستثمر يقبل بشرائها، وبالتالي يؤدي ذلك إلى فشل الإصدار.
2. القيمة النظرية للحقوق التفضيلية للإكتتاب:
ترتبط الحقوق التفضيلية للإكتتاب بحق الأولوية في التملك، الذي يتمتع به المساهمين في الشركات ذات الأسهم، حيث يحصل كل مساهم على عدد من الحقوق بمناسبة الإصدار الجديد، يساوي عدد الأسهم التي يمتلكها في رأس مال الشركة قبل الإصدار.
وفي ضل ما جرت عليه العادة من أن الإصدار الجديد يمثل نسبة معينة (10 % مثلا) من عدد أسهم الشركة قبل الإصدار، فإن الحقوق التفضيلية للإكتتاب توزع على قدماء المساهمين من خلال قسمة عدد الأسهم القديمة على عدد الأسهم الجديدة وضربها في عدد الأسهم التي يمتلكها كل مساهم.
ونظرا لكون أحد الأهداف الأساسية لإصدار هذه الحقوق ومنحها لقدماء المساهمين لتعويضهم عن الثروة التي يفقدونها بسبب وجوب تسعير الأسهم الجديدة بسعر إصدار يقل بصفة محسوسة عن القيمة السوقية لسهم الشركة في السوق.
يجب أن تسمح هذه الحقوق بتساوي وضع المساهم القديم الذي حافظ على أسهمه القديمة وباع حقوق الإكتتاب التي حصل عليها مجاناً، مع وضعية المساهم الجديد الذي أشترى عدد من الحقوق التفضيلية وأستخدمها في شراء الأسهم المصدرة حديثا بسعر إصدار يقل عن القيمة السوقية للسهم.
ومنه يمكن وضع المساواة الموضحة أسفله، وذلك على أساس أن نسبة الأسهم الجديدة المصدرة تمثل 10% من عدد الأسهم قبل الإصدار: سعر السهم قبل عملية الإصدار - حق تفضيلي واحد = سعر الإصدار+ 10٪ حقوق تفضيلية للإكتتاب.
3. كيفيات رفع رأس المال بحصة نقدية في شركة مسعرة:
عادة تقوم الإدارة في الشركة وبناء على التقديرات والتوقعات التي قامت بها فيما يخص مدى إمكانية إقبال قدامى المساهمين على إقتناء الأسهم التي سوف يتم إصدارها في إطار عملية رفع رأس المال، بإتخاذ قرار إستخدام الحقوق وكذلك ما إذا كان سعر الإصدار قريب جداً من السعر، (DPS) التفضيلية للإكتتاب في الإصدار الجديد من عدمه السوقي للسهم أم لا؛ وفي هذا الصدد تميز بين مايلي:
• في الحالة التي تشير فيها التوقعات إلى إقبال قدماء المساهمين بقوة على الإكتتاب في الأسهم التي سوف يتم إصدارها، وأن دخول مساهمين جدد أمر غير مرغوب فيه وليس ضرورياً، فإنه يتم إستخدام تقنية الحقوق التي تساعد فيما إذا تم تنفيذها في حماية قدماء المساهمين من مخاطر تمييع (DPS) التفضيلية للإكتتاب رأس المال ومخاطر تمييع أرباح السهم. كذلك وبسبب الخوف من فشل عملية تصريف الإصدار وانخفاض سعر السهم في السوق، يتم تحديد سعر إصدار منخفض ويتم الإعلان عنه مسبقا، كما أن العملية في هذه الحالة تدوم لأيام عديدة من أجل ضمان تصريف الإصدار بالكامل.
• في الحالة التي تشير فيها التقديرات إلى إمكانية عزوف قدماء المساهمين عن الإكتتاب في الإصدار الجديد وإقتصار مشاركتهم في العملية على نسب ضئيلة من رأس المال المطروح للإكتتاب، وكذلك في ضل رغبة الإدارة وبسعر إصدار (DPS) توسيع قاعدة ملكية الشركة. فإنه يتم القيام بطرح الأسهم بدون حقوق تفضيلية للإكتتاب قريب جدا من سعر السوق وذلك من أجل ضمان عدم حدوث إنتقال كبير للثروة من قدماء المساهمين إلى الجدد بمناسبة الإصدار الجديد. وفي هذه الحالة لايتم تحديد سعر الإصدار إلا بعد نهاية فترة التسويق والعرض المسبق للأسهم. ويتم تعويض غياب الحقوق التفضيلية للإكتتاب من خلال إعطاء قدماء المساهمين فترة أولوية في الإكتتاب.
4. كيفيات رفع رأس المال بحصة نقدية في شركة غير مسعرة:
في حالة كون الشركة التي تود رفع رأس مالها من خلال حصص نقدية، غير مسعرة في البورصة، فإن عملية طرح الأسهم العادية الجديدة للمستثمرين سوف تتم دون الأخذ بعين الإعتبار لمنطق سوق رأس المال وإنخفاض القيمة السوقية لسهم الشركة في فترة تصريف الإصدار.
في حين يعتبر عامل رغبة قدماء المساهمين في الحصول على السيولة من وراء عملية التنازل عن الحقوق التفضيلية للإكتتاب التي تمنح لهم بمناسبة العملية، عاملاً محددا؛ وفي هذا الصدد إذا ما إتضح أن قدماء المساهمين لا يرغبون في الحصول على السيولة من وراء عملية رفع رأس مال شركتهم، فإن الشركة سوف تلجأ إلى التقنيتين التاليتين:
- تقنية رفع رأس المال بإستخدام الحقوق التفضيلية للإكتتاب وسعر إصدار قريب جدا من القيمة السوقية للسهم.
- تقنية رفع رأس المال بدون الحقوق التفضيلية للإكتتاب، وتخصيص الإصدار إلى مستثمرين بعينهم وذلك في إطار عرض على نطاق محدود.
5. مزايا إستخدام الحقوق التفضيلية للإكتتاب في التمويل الجديد:
تمنح الحقوق التفضيلية للإكتتاب لحامليها من قدماء المساهمين كل من حق أولوية التملك من خلال تنفيذها وحق الإستفادة من عائد نقدي في حالة بيعها في السوق المالي، حيث يسمح لهم الحق الأول بالمحافظة على حصصهم النسبية في أرباح الشركة والتحكم فيها، في حين يمكنهم الحق الثاني من الحصول على تعويض نقدي عن طريق إنتقال ثرواتهم إلى المساهمين الجدد، بمناسبة الإصدار الجديد.
وهذه التقنية بدورها تفيد الشركة أيضاً لأنها عندما تعرض الإصدارات الجديدة على مساهميها الحاليين عن طريق الحقوق التفضيلية للإكتتاب، فإنها تزيد من إحتمال إقبال هؤلاء المساهمين على شراء الأسهم الجديدة دون قيام الشركة بمجهودات تسويقية كبيرة؛ كما أن إستعمال هذه الحقوق يسهل على الشركة المصدرة الحصول على ضمان الإكتتاب في الأسهم المطروحة للبيع، من طرف بنوك الإستثمار.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يؤدي إستخدام هذه الحقوق إلى تخفيض تكلفة الإصدار لاسيما فيما يخص عمولة ضمان التصريف الكامل التي تمنح لبنك أو بنوك الإستثمار التي تتعهد بضمان تصريف الإصدار بالكامل أو شراء الأسهم المتبقية في حالة عدم تمكنها من تصريفه بالكامل.
وفي الدول التي تسمح ببيع الأوراق المالية عن طريق الإئتمان، يستطيع مساهمو الشركة الحاليين أن يشتروا الأسهم الإضافية المعروضة بإستخدام الحقوق التفضيلية للإكتتاب، عن طريق الإقتراض، وتكون نسبة القسط النقدي اللازمة عند شرء الأسهم الجديدة (من خلال ممارسة حقوق الإكتتاب) أقل بكثير من نسبة القسط النقدي المفروضة في باقي الأوراق المالية.
كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن إقران الأسهم العادية المصدرة بالحقوق التفضيلية للإكتتاب يعتبر إشارة إيجابية عن أفق مالي واعد بالنسبة للشركة، فالمستثمرين في الأسواق ينظرون إلى ذلك على أنه رغبة من طرف المساهمين الحاليين في شراء الإصدار الجديد ومن تم يعتبر ذلك إشارة مالية بأن سعر الإصدار مواتِ وأن القيمة السوقية للسهم غير مغال فيها.