recent
أخبار ساخنة

ما هو عقد العمل؟

عقد العمل:

ما هو عقد العمل؟
تعتبر تسمية علاقة العمل المصطلح الأكثر تعبيرا عن عقد العمل بمفهومه الحديث، والذي كان يعرف في السابق بعقد إجازة الأشخاص أو الخدمات؛ فيما يلي سنتطرق إلى أهم عناصر عقد العمل المتعارف عليها.

1. تعريف عقد العمل:

إن تسمية عقد العمل حديثة نسبيا لم تظهر إلا أواخر القرن التاسع عشر، حيث كان يسمى بعقد إجارة الخدمات؛ وردت هذه التسمية في قانون العمل الفرنسي القديم وهي التسمية التي تعطي لعقد العمل صفة السلعة القابلة للبيع والإيجار، وقد إنتشر حديثا تسميته بعقد العمل سواء لدى الفقه أو القضاء.

• التعريف الفقهي: يعرف عقد العمل بأنه "إتفاق يضع بموجبه شخص هو الآجير نشاطه المهني تحت تصرف وإشراف شخص آخر هو المستخدم أو رب العمل مقابل أجر".

أما التعريف الأكثر شمولية لهذا العقد فهو: "إتفاق يلتزم بموجبه أحد الأشخاص بالعمل لحساب شخص آخر، يسمى صاحب عمل، وتحت إشرافه وإدارته وتوجيهه، لمدة محددة أو غير محددة، مقابل أجر معين ومحدد سلفا".

وعليه يمكن إستنتاج الخصائص والصفات التي يتميز بها عقد العمل المعبرة عن إستقلاليته، إذ إشتمل التعريف السابق على العناصر الأربعة لعقد العمل وهي (العمل، الأجر، التبعية، والمدة أو الزمن).

• التعريف التشريعي: من المعروف أنه ليس من مهمة التشريعات وضع تعاريف للمواضيع التي تتناولها، لكون المشرع عندما يقنن أو ينظم موضوعا كثيرا ما تتحكم فيه بعض الظروف والمعطيات السياسية والتنظيمية التي تفرض عليه وضع قاعدة قانونية معينة تستجيب لهذه الظروف والمعطيات التي قد تتغير بعد ذلك.

لكن مع ذلك نجد مثلا بعض التشريعات قامت بتعريفه، مثل قانون العمل المصري لسنة 1891م، حيث عرفه بأنه: "العقد الذي يتعهد فيه آخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر، والآخر يتعهد بأن يعمل في خدمة المتعاقد". 

أما التشريع الجزائري فلم يعرف عقد العمل حيث نصت المادة الثامنة من قانون علاقات العمل 11-89 على أنه "تنشأ علاقة العمل بعقد كتابي أو غير كتابي وتقوم هذه العلاقة، على أية حال بمجرد العمل لحساب مستخدم ما، وتنشأ عنها حقوق المعنيين وواجباتهم وفق ما يحدده التشريع والتنظيم والإتفاقيات أو الإتفاقات الجماعية وعقد العمل".

2. عناصر عقد العمل:

يستخلص من التعريف السابق، أن عقد العمل يقوم على أربعة عناصر أساسية هي:

1. عنصر العمل: يعتبر عنصر العمل عنصرا أساسيا في عقد العمل، إذ يعتبر كمحل إلتزام العامل، وسبب إلتزام صاحب العمل، والعمل في إطار عقد العمل يأخذ شكلا محددا، فهو يشمل عموما النشاط الإنساني المبذول في إحدى مجالات العمل الصناعية أو التجارية أو الفنية أو العلمية، وقد يكون ماديا أو فكريا. 

وعليه يمكن القول أن عنصر العمل في عقد العمل يمثل "ذلك النشاط الفكري أو البدني أو الفني، ينجزه العامل بصفة شخصية إستنادا لتوجيهات وأوامر صاحب العمل"؛ وحتى يعتبر العمل من قبيل الأعمال التي تشكل أحد شروط عقد العمل، يتفق الفقه على ضرورة تميزه ببعض الخصائص والشروط المتمثلة فيما يلي:

  • وجوب الآداء الشخصي للعمل المحدد أو المتفق عليه: أي أن يقوم العامل بأداء العمل المتعاقد بشأنه بنفسه، ودون الإستعانة بشخص آخر، لأنه لو تم ذلك لكنا أمام عقد مقاولة وليس عقد عمل، حيث تتجلى هذه الصفة في كون مؤهلات وخصوصيات العامل هي الدافع للتعاقد معه، مما يجعل الإلتزام هنا التزام بأداء العمل، كما تصبح شخصية العامل عنصر جوهري في العقد.

  • تنفيذ العمل وفق توجيهات وأوامر صاحب العمل في القيام: أي أن العامل ليس حرا بعمله، بل ملزم بالإمتثال للتوجيهات والأوامر التي يضعها صاحب العمل، في شكل أنظمة وتعليمات داخلية للعمل.

  • إلتزام صاحب العمل بتوفير أدوات العمل، والظروف المناسبة لحسن أدائه: وهو إلتزام طبيعي بالنظر إلى طبيعة إلتزام العامل، الذي يتمثل في بذل جهد فكري أو بدني، وتخصيص وقت معين لصاحب العمل فقط، وليس مطالب بتوفير أدوات العمل، التي تبقى من إختصاص صاحب العمل.

2. عنصر الآجر: يمثل عنصر الأجر في عقد العمل سبب إلتزام العامل ومحل إلتزام صاحب العمل، وهو بذلك يمثل مقابل العمل أو المقدار المالي الذي يلتزم رب العمل بدفعه للعامل مقابل أدائه للعمل.

يمكن تعريف الأجر على أنه "المقابل المالي الذي يدفع للعامل مقابل العمل الذي قدمه لصاحب العمل"، وهو بذلك يشمل كافة العناصر المالية النقدية والعينية التي يقدمها صاحب العمل للعامل لقاء ما يقدمه له هذا الأجير من جهد ووقت، وما يحققه له من نتائج وأهداف.

على أن تحدد طريقة دفعه عن طريق الاتفاقيات الجماعية، فقد يكون أول للشهر أو منتصفه أو آخره، هذا إذا كان الأجر شهريا، لأنه قد يكون غير ذلك كأن يكون أسبوعيا أو نصف شهريا، لكن تأخذ أغلب الإتفاقيات بالأجر الشهري.

3. عنصر التبعية والإشراف: يقصد بها سلطة الإشراف والإدارة والرقابة التي يخضع لها العامل، بإعتبارها إحدى الحقوق الأساسية التي يمنحها عقد العمل لصاحب العمل، ويلزم العامل بالإمتثال لها في الحدود المسموح بها قانونا، ذلك أن العامل (كما سبق أن ذكرنا) ليقوم أثناء تنفيذ التزاماته الوظيفية، بأداء أعماله وفق ما يقرره هو، وإنما وفق ما يقرره صاحب العمل، وما يضعه من برامج ومواصفات، وما يصدره من أوامر وتعليمات، وما يحدده من إجراءات، ومراحل وتوجيهات.

4. عنصر المدة: يمثل عنصر المدة أو الزمن في علاقة العمل تلك الفترة الزمنية التي يضع خلالها العامل جهده ونشاطه في خدمة صاحب العمل، وتحدد في إطار عقد العمل بحرية بين الطرفين المتعاقدين من حيث المبدأ، مع مراعاة أحكام النصوص القانونية والتنظيمية الواردة في هذا الشأن. 

وتعتبر علاقة العمل غير المحددة أو الدائمة، هي القاعدة في مختلف التشريعات العمالية المقارنة، بما فيها التشريع الجزائري، حيث تنص المادة 11 من قانون 11-89 المتعلق بعلاقات العمل "يعتبر العقد مبرما لمدة غير محدودة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة، وفي حالة إنعدام عقد مكتوب، يفترض أن تكون علاقة العمل قائمة لمدة غير محدودة". 

كما يمكن أن تكون علاقة العمل لمدة محددة كما هو الشأن بالنسبة لتنفيذ أعمال دورية أو موسمية، وعموما فإن تحديد المدة أو عدم تحديدها في عقد العمل، لا يؤثر على وضعية العامل، إذ تترتب في الحالتين ذات الحقوق والواجبات المهنية، لذلك تبقى أهمية المدة في عقد العمل نسبية مقارنة بالعناصر الأخرى.
google-playkhamsatmostaqltradent