recent
أخبار ساخنة

عموميات حول عملية التخطيط

عملية التخطيط:

عموميات حول عملية التخطيط

1. نشأة التخطيط:

ظهر مصطلح التخطيط لأول في عام 1911، من خلال مقال للإقتصادي النمساوي (كريستيان شويندر)؛ وقد شاع إستخدام هذا المصطلح بعد أن أخذ الإتحاد السوفيتي بمبدأ التخطيط الشامل في عام 1928م.

وعلى الرغم من البداية الحديثة نسبياً للتخطيط كعلم، إلا أن الممارسة الفعلية له قديمة قدم الحياة الأنسانية، لأن عملية إتخاذ القرارات في الحاضر لتحقيق أهداف في المستقبل هي من الممارسات التي تمتد عبر التاريخ إلى مختلف العصور ومع نشأة الإنسان على هذه الأرض.

قد أدركت الكثير من المجتمعات أهمية إستخدام التخطيط كأسلوب أو منهج للتنمية البشرية من خلال إحداث المواءمة بين إحتياجات المجتمع وإمكاناته المادية والبشرية.

2. تعريف التخطيط:

لقد وردت في تعريف التخطيط أراء كثيرة جميعها تتفق على أنه المسار الذي يرسم مسبقا من أجل تحقيق أهداف معينة تلتزم الإدارة به وتعمل بموجبه. 

ويمكن أن نقول: إن التخطيط هو عملية تحديد الأهداف التي يراد الوصول إليها خلال فترة زمنية معينة، ثم حشد الإمكانيات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف وفق أساليب تختصر الكلفة وتعظم النتائج.

ومن هذا التعريف يمكن القول أن التخطيط يجيب على الأسئلة الآتية:

  • ماذا نريد أن نفعل؟ أي ما هو هدفنا؟
  • أين نقف الآن من ذلك الهدف؟ وما هو وضعنا الحالي؟
  • ما هي العوامل التي تساعد على تحقيق الأهداف وتلك التي تقف عائق أمامنا؟
  • ماهي البدائل المتاحة التي يمكن الإستعانة بها لتحقيق الأهداف؟
  • ما هو البديل الأفضل من بين تلك البدائل؟

3. خصائص التخطيط:

تتطلب العملية التخطيطية مجموعة من الخصائص التي تكفل نجاح الخطة نذكر منها ما يأتي:

  • الإستمرارية: أي عدم توقف التخطيط وتواصله وعدم تقطعه.
  • الوضوح: بحيث تكون أهداف الخطة واضحة ومحددة لا غموض فيها.
  • البساطة: أن تأتي الخطة بمكونات سهلة الفهم وغير معقدة.
  • الواقعية: بحيث تلاؤم أهداف الخطة وغاياتها مع معطيات الحالة السائدة وممكنة التنفيذ في ضوء الإمكانيات المتاحة.
  • سلامة البيانات: أي إعتماد الخطة على بيانات ومعلومات إحصائية دقيقة وصحيحة تخدم تحليل الواقع وعملية التنبؤ بالإتجاهات.
  • الأولويات والبدائل: فالخطة الناجحة هي التي ترتب أولوياتها وتضع البدائل لتنفيذ هذه البدائل.
  • التوقع: إعتمادها النظرة المستقبلية المستندة على أحدث الأساليب ومن قبل هيئات متمرسة لكونها وثيقة الصلة بالمستقبل.
  • تحديد مسؤوليات التنفيذ بصورة دقيقة لتنسجم مع قدرات الجهات المنفذة.

4. أساليب التخطـيط:

تستخدم عملية التخطيط أساليب مختلفة نذكر منها ما يلي:

  • أساليب التنبؤ: لقد تناولنا التنبؤ عندما تحدثنا عن أهداف الخطة وهنا نتحدث عنه كأحد الأساليب التخطيطية الهامة، وكما ذكرنا سابقا أن التنبؤ يساعد على التوقع بالأحداث المستقبلية بإعتماد الأساليب الرياضية والإحصائية لهذا قيل عنه أنه الفن المساعد والداعم للعملية التخطيطية ومن طرق التنبؤ ما يلي: الأساليب النوعية (وهي الطرق التي تعتمد على التخمين والحدس الذاتي والخبرة المتراكمة لدى الإداريين ومنها تقديرات المديرين وطريقة دلفي وغيرها)، الأساليب الكمية (وهي الطرق التي تعتمد على الأساليب الإحصائية والرياضية وهي أكثر دقة من الطرق النوعية ومنها الطرق البيانية والمتوسطات المتحركة والإنحدار والتمهيد الأسي البسيط).

  • أسلوب البرمجة الخطية: وهو أسلوب رياضي يحتوي على دالة هدف واحدة أو عدة دوال يسعى الإداري لتحقيقها في ظل مجموعة من القيود والمحددات المعروفة كالموارد والقوى البشرية وغيرها. وسميت بالخطية لأن معادلاتها ودالة الهدف فيها خطية إما لتعظيم المخرجات أو لتصغير المدخلات. وبواسطة البرنامج الخطي يستطيع المخطط الوصول إلى أهداف محددة وذلك عن طريق تغذية النموذج بقيم القيود في النموذج كأعداد العمالة والأموال اللازمة وكميات المياه والوقت اللازم والكمائن وغير ذلك.

  • أسلوب التخطيط الشبكي: ويقوم هذا الأسلوب على نماذج شبكية توضح طريقة إتخاذ القرارات للوصول إلى أهداف معينة وحيث أن تحقيق الأهداف يقع في صلب العملية التخطيطية فإن الأسلوب الشبكي يساعد في بلوغ ذلك. 

  • أسلوب الإدارة بالأهداف: ويركز هذا الأسلوب على المشاركة الواسعة للعاملين في وضع الأهداف وسبل تحقيقها وتتم عملية التخطيط وفق هذا الأسلوب بالخطوات الآتية: وضع الأهداف، إعداد خطة العمل، عمل المراجعات الدورية، وأخيرا تقييم الأداء.

  • أسلوب شجرة القرارات: وهي أداة لإتخاذ القرارات الإدارية والمالية والإقتصادية وتتطلب الكثير من المعلومات وإنها تقدم تصورا فعالا عن القرار الأفضل والقرارات البديلة والأثار المترتبة على هذه القرارات، إضافة إلى مخاطر وفوائد كل قرار والمشكل التي تعطي فكرة بسيطة عن رسوم الشجرة لقرار تطوير إنتاج جديد أو تعزيز إنتاج قائم وتوقعات ردود فعل السوق إزائها حيث تعطى القرارات عند كل دائرة إحتمال كل نتيجة من ردود الفعل وبعد ذلك يجري حساب وتسجيل واختيار القرار الأفضل.

  • أسلوب مصفوفة القرارات: وهو أسلوب يستخدم لتحديد أفضل البدائل المعتمدة وتقليل الأخطار المترتبة على الأخطاء الناشئة عن القرارات غير الصحيحة، وتبدأ المصفوفة عادة بتحديد الأهداف ثم إعطاء كل هدف وزنا يعكس مدى أهميته وحقول عمودية أخرى تعكس خصائصه وتكاليفه وتعطي درجات تقييمية لكل هدف ومن خلال إجمالي التقدير يمكن تحديد الخيار الأفضل.

5. فوائد التخطيط:

ينطوي التخطيط على كثير من المزايا يمكن إيجازها في مايلي:

  • يقدم حزمة من الأهداف التي يستطيع العاملون فهمها وتنفيذها.
  • يحمل الإدارة على توقع أحداث المستقبل، مما يجعلها في موقف يسمح لها بتقدير ظروفها في ذلك المستقبل وعدم ترك الأمور لمحض الصدفة.
  • يدفع الإدارة إلى الإحاطة بمواردها المادية والبشرية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف.
  • يدفع الإدارة وفروعها المختلفة إلى تنسيق أعمالها، وبهذا يمنع ظاهرة التضارب والتقاطع بين أنشطتها المختلفة.
  • يساعد على إجراء عمليات الرقابة الخارجية والداخلية.
  • يساعد على تجنب الهدر في الموارد والإمكانيات المتاحة وذلك من خلال توظيفها بالأسلوب الأمثل.
  • يجعل الأفراد العاملين أكثر إستقرارا وطمأنينة من خلال معرفتهم مستقبل مؤسستهم والأهداف التي تسعى لتحقيقها.
  • يحقق التخطيط الأمن النفسي للافراد والجماعات، ففي ظل التخطيط يطمئن الجميع إلى أن الأمور التي تهمهم قد أخذت في الإعتبار.
  • يختصر الزمن اللازم لإنجاز الأعمال.
  • يستبدل العشوائية في العمل بالأساليب المنظمة والمبرمجة.
  • يساعد التخطيط في تنمية مهارات وقدرات المديرين عن طريق ما يقومون به من وضع للخطط والبرامج.
  • يجعل الوصول إلى الأهداف أمرا يسيرا حيث يصعب أو يتعذر تحقيق الأهداف بدونه.
  • يخلق الثقة لدى المنظمة بنفسها من خلال رضاها بصواب ما تفعل.

6. عيوب التخطيط:

بالرغم من المزايا والفوائد العديدة التي يقدمها التخطيط إلا أنه لا يخلو من العيوب، والتي يتعين على الإدارة العمل على تجنبها أو على الأقل تحييدها لكي لا تحدث أضرار في سلامة الخطة الموضوعة، ومن هذه العيوب مايلي:

  • عدم وضوح المستقبل: بما أن مجال التخطيط يقع في المستقبل وان الظروف غير معروفة وغير مؤكدة في هذا المجال مما يقلل من صواب ما يتحدث عنه من قدرات وإمكانيات وأهداف ووسائل وغيرها وكثيرا ما يؤدي ذلك إلى عدم وضوح المستقبل وإخفاق خطط بذلت فيها جهود وأموال واهتمامات.

  • التضليل المعلوماتي: إن التخطيط يرسم المستقبل في ضوء تحليل الماضي والحاضر إستنادا على بيانات ومعلومات كثير منها يفتقد بعضها إلى الدرجة المطلوبة من الصحة ولا يمكن الركون إليها، فتقدم لنا هذه المعلومات والبيانات صورة غير واضحة عن الحاضر وصورة مشوشة عن المستقبل فتأخذ المخططين نحو إتجاهات مضللة.

  • التكاليف الباهظة لوضع الخطط: يعتقد البعض أن وضع وتصميم الخطط يستنزف أموال طائلة كان من الممكن إنفاقها على تطوير المنظمة وتحسين أدائها مباشرة.

  • تقييد الإبداع والإبتكار: حيث يضع التخطيط مجموعة من القواعد والإجراءات التي تحد من حرية الإبداع والإبتكار والمبادرة لدى العاملين التي كثيرا ما تدفع العمل إلى أمام وتوفر أسباب تطوره. 

  • البطء في إتخاذ القرارات: بما أن الخطة تحتوي على نظام متكامل من العمل فإن هذا النظام لا يسمح أحيانا بأتخاذ الإجراءات السريعة والفورية لمعالجة المشكلات الناشئة.

7. منهجية التخطيط:

تمر عملية التخطيط بمجموعة من الإجراءات تتمثل في مايلي:

  • تحليل وتقييم الوضع الحالي: ويشمل ذلك جميع أنشطة المنظمة بما فيها الموارد المادية والبشرية المتوفرة لتحقيق الأهداف.
  • وضع الأهداف أي تحديد الأهداف المستقبلية.
  • تحديد البدائل اللازمة لتحقيق الأهداف.
  • تقييم البدائل بالتعرف على نقاط الضعف والقوة فيها.
  • إختيار البديل الأفضل الأقل في نقاط الضعف والأعلى في نقاط القوة.
  • صياغة الخطة: وضع الإطار العام والمكونات الأساسية.
  • إعتماد الخطة من الجهة العليا: كي تأخذ قوتها التنفيذية.
  • الشروع في تنفيذ الخطة: تحديد مسؤوليات التنفيذ والموارد المجهزة.
  • متابعة وتقييم الخطة: الوقوف على تقدم العمل ونسب التنفيذ وتصحيح الإنحرافات فيها.

8. العوامل الدافعة للتخطيط:

تتظافر عدة عوامل في دفع عملية التخطيط وتحفيزها ومن هذه العوامل نذكر مايلي:

  • القناعة من خلال إدراك الإدارة والعاملين بأهمية التخطيط وكونه السبيل للإرتقاء بالمنظمة ورفع قدراتها وتطورها.

  • التنبؤ بالمستقبل بصورة أفضل وذلك بإستخدام الأساليب الفنية لهذا الغرض وتغذيتها بأكبر قدر من المعلومات والبيانات اللازمة.

  • الواقعية التي تقوم على تعبئة الموارد البشرية المتاحة وتحشيدها بطرق مثلى لتنفيذ الخطة.

  • الجماعية بإشراك العاملين في العملية التخطيطية ووضع نظام حوافز فاعلة خلال عملية تنفيذها.

  • الثبات النسبي للخطة مع وضع الخطط البديلة التي يتعين ان تكون جاهزة للعمل في حالة حدوث تغيرات غير متوقعة في الظروف المستقبلية لتحل محل الخطط الإعتيادية.

  • وجود نظام متابعة فعال لرصد تقدم العمل في الخطة وإجراء تقييم متواصل لإنجازاتها وتصحيح الإنحرافات إن حدثت تباعا.

9. الصعوبات التي تواجه التخطيط:

تواجه التخطيط جملة من الصعوبات يمكن حصرها بالتالي:

  • نقص الموارد الذاتية وفشل الجهود في الحصول على موارد خارجية.

  • عدم الجدية في تنفيذ الخطة وتدني حماس العاملين لها.

  • البيروقراطية وتباطؤ الإجراءات الإدارية.

  • الطموح المفرط في الخطة بما يفوق القدرات الفعلية لتنفيذها.

  • التعقيد الزائد والمفصل في صياغة الخطة مما يخلق سوء فهم لدى المنفذين لأدوارهم أو عزوفهم عن التفاعل الإيجابي معها.

  • عدم توفر البيانات والمعلومات بالشكل الكافي للعملية التخطيطية.

  • عدم كفاية الزمن اللازم لتنفيذ الخطة.

  • إرتفاع أسعار السلع والخدمات اللازمة لتنفيذ الخطة بمستويات غير متوقعة مما يرفع التكاليف ويؤدي إلى عجز في الموازنة المخططة.

  • مقاومة الواقع القائم للتغييرات التي يريد التخطيط إحداثها.

  • عدم توفر البيئة السياسية والإجتماعية وعلى رأسها الإستقرار السياسي كإحدى الشروط المطلوبة لإنجاح تنفيذ الخطة.

  • سرعة التقدم التكنولوجي قد يخلق وضعا يختلف عما وضعته الخطة من أهداف.


مقتبس من كتاب التخطيط الإستراتيجي المبني على النتائج لـ الدكتور مجيد الكرخي.
google-playkhamsatmostaqltradent