التخطيط الإستراتيجي:
إن إهتمام المؤسسات بمستقبلها الإستراتيجي يستدعي منها القيام بعملية التخطيط الإستراتيجي لتحسين أدائها على المدى البعيد، لذلك سنحاول من خلال هذا المقال توضيح مفهوم التخطيط الإستراتيجي من خلال مختلف التعاريف المقدمة له بدءا بالتخطيط وصولا إلى الإستراتيجية والإنتهاء إلى التخطيط الإستراتيجي ومن ثم الفرق بينه وبين المصطلحات ذات الصلة به.
1. تعريف التخطيط:
لقد قدمت للتخطيط عدة تعاريف إنطلاقا من وجهات نظر مختلفة وفي أزمنة مختلفة، وفيما يلي سوف نتعرض لعدد منها:
- التخطيط يعني التوقع بما سيكون عليه الوضع في المستقبل مع الإستعداد لهذا المستقبل.
- هو التقرير المقدم بما يجب عمله، وكيف يمكن عمله، ومن الذي يقوم بالعمل، فهو يغطي الفجوة بين ما نحن فيه وما نرغب في الوصول إليه.
- هو رسم الأنشطة المستقبلية بالإستناد إلى الحقائق الخاصة بالمواقف، وبناء على تجميع وتحليل تلك الحقائق.
- عملية مستمرة تتضمن تحديد طريقة سير الأمور للإجابة عن الأسئلة مثل ماذا يجب أن نفعل، ومن يقوم به، وأين، ومتى، وكيف.
من خلال هذه التعريفات نصل إلى تعريف شامل للتخطيط كالتالي: التخطيط هو عملية إتخاذ القرارات والإجراءات العلمية لتحديد اتجاه المستقبل وتحقيق أهدافه المنشودة من خلال تحديد ووضع السياسات المرغوب تحقيقها في المستقبل.
2. تعريف الإستراتيجية:
تعود جذور مصطلح الإستراتيجية إلى الأصل الإغريقي وهو يعني علم الجنرال، كما يعني قيادة "فن الحرب" عند هذا الجنرال، لذلك فإن نقل المصطلح إلى حقل الإدارة سيعني بصورة واضحة أنه "فن القيادة أو الإدارة".
ومن هنا أصبحت الإستراتيجية موضع إهتمام الكثير من الباحثين في مجال الإدارة عموما لا بل إنها أصبحت تحتل اليوم المواقع الأولى من الأهمية منذ دخولها المنهجي في إطار منظمات الأعمال، وقد تم تعريف الإستراتيجية بعدد من التعريفات منها:
- هي إعداد الأهداف والغايات الأساسية طويلة الأجل للمؤسسة، وإختيار خطط العمل وتخصيص الموارد الضرورية لبلوغ هذه الغايات.
- هي مجموعة الخطط الموجهة التي تساعد الإدارة على تحقيق المسار الذي إختارته والإستفادة من الفرص المحيطة بها، ومواجهة القيود والتهديدات والمخاطر التي تتعرض لها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، مع التأكد من تنفيذ الخطط والبرامج المحددة.
- هي خطط وأنشطة المؤسسة التي يتم وضعها بطريقة تضمن خلق درجة من التوافق والتطابق بين رسالة المؤسسة وأهدافها.
في ضوء التعريفات السابقة يمكننا تعريف الإستراتيجية على أنها: الخطة أو العملية التي تتضمن وضع وتصميم ومن ثم تنفيذ وتحقيق أهداف طويلة الأجل، والتي تؤدي إلى بلوغ المؤسسة أهدافها المنشودة.
3. تعريف التخطيط الإستراتيجي:
لقد تناول العديد من الباحثين والمفكرين في مجال الإدارة مفهوم التخطيط الإستراتيجي ومن بين هذه التعاريف نذكر:
- عملية توضيح الأهداف التي تسعى المؤسسة إلى نشوئها.
- عملية إدارية خاصة بوضع وإدامة العلاقة بين أهداف المؤسسة وتطلعاتها، وإعادة ترتيب الأنشطة بالشكل الصحيح الذي يحقق النمو والأرباح في المستقبل.
- القدرة على التوقع والتوافق بين القدرات الذاتية للمؤسسة والفرص التهديدات الناشئة عن البيئة الخارجية.
- عملية إتخاذ القرارات فيما يتعلق بأهداف المؤسسة، وإستخدام الموارد وتطبيق السياسات من أجل تحقيق هذه الأهداف.
- عملية متواصلة ونظامية يقوم بها الأعضاء من القادة في المؤسسة بإتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل تلك المؤسسة وتطورها، بالإضافة إلى الإجراءات والعمليات المطلوبة لتحقيق ذلك المستقبل المنشود وتحديد الكيفية التي يتم فيها قياس مستوى النجاح في تحقيقه.
بناء على ما تقدم من تعاريف يتضح أن التخطيط الإستراتيجي هو: أسلوب أو طريقة تنتقل بالمؤسسة إلى وضع أفضل بالمستقبل، تتبناه للوصول إلى تحقيق غاياتها وأهدافها النهائية بأعلى درجة من الكفاءة والفعالية.
4. عناصر التخطيط الاستراتيجي:
للتخطيط الإستراتيجي أربعة عناصر مهمة هي:
- المستقبلية في إتخاذ القرارات: أي أنها عملية مؤسسة لتحديد الفرص والمخاطر المستقبلية، والتي من خلال إمتزاجها مع المعلومات ذات العلاقة تعطي المؤسسة الأرضية الملائمة لاتخاذ القرارات المتعلقة باستكشاف وتجنب المخاطر، وبذلك فإن هذا العنصر يمثل تحديد الأهداف المستقبلية وكيفية تحقيقها.
- العملية: فالتخطيط الإستراتيجي هو العملية التي تتضمن التحديد المسبق لأنواع الجهود التنظيمية المطلوبة، متى يتم إتخاذها، ومن يقوم بها، والعملية مستمرة نظرا للتغيرات المستمرة في البيئة الداخلية والخارجية.
- الفلسفة: فالتخطيط الإستراتيجي هو إتجاه وطريقة في الحياة، وثقافة واقتناع ينبغي توفره لدى القائمين عليه.
- الهيكلية: التخطيط الإستراتيجي يربط ثلاثة أنواع من الخطط مع بعضها وهي الخطط الإستراتيجية والخطط أو البرامج متوسطة المدى، والخطط أو البرامج قصيرة المدى وهذا يتطلب ایجاد علاقة هيكلية تربط الأنواع الثلاث، وهذه الهيكلية تساعد الإدارة العليا على تحويل خططها الرئيسة إلى قرارات محددة بإتجاه تحقيق الأهداف النهائية.
5. أهمية التخطيط الإستراتيجي:
للتخطيط الإستراتيجي أهمية كبيرة نوردها فيما يلي:
- يوفر التخطيط الإستراتيجي الفرصة للعاملين في المنظمات من خلال مشاركتهم في عملية إتخاذ القرارات، الذي يشعرهم بالمشاركة وتحقيق نوع من الرضا لديهم.
- تحقیق القدرة على التأثير والقيادة، لا أن تكون قرارات المؤسسة عبارة عن رد فعل للأحداث الجارية ومجرد مستجيبة لها.
- تحقيق القدرة على التنسيق بين مختلف أوجه النشاط، والإلتزام بالأهداف الإستراتيجية التي تضعها الإدارة.
- التقليل من الآثار السلبية للظروف المحيطة التي تعمل على زيادة الكفاءة والفعالية.
- التوقع بظروف عدم التأكد بالنسبة للعوامل البيئية الخارجية، وتشخيص آثارها على حركة الإدارة، وتحديد القيود التي تفرضها والفرص المتاحة، بما يسهم في تحقيق فعالية المؤسسة.
- توفير إطار لترشيد الإدارة في إتخاذ القرارات.
6. أهداف التخطيط الإستراتيجي:
تبلورت أهداف التخطيط الإستراتيجي في جملة من النقاط التالية:
- يساعد على تسهيل الإتصالات والمشاركات.
- توجيه الإدارة العليا للموضوعات ذات الأولوية.
- تحديد الرؤية والأهداف بوضوح.
- توفير المعلومات للإدارة العليا بحيث تتخذ قرارات أفضل.
- تحديد وتوجيه مسار العمل في المؤسسة.
- صياغة وتطوير رسالة المنظمة وأهدافها الإستراتيجية المختلفة.
7. خصائص التخطيط الإستراتيجي:
يتميز التخطيط الإستراتيجي بالخصائص التالية:
- يركز على البيئة الداخلية والخارجية على حد سواء ويعتمد على المعلومات الكمية والنوعية معاً.
- يحقق التخطيط الإستراتيجي التفاعل والحوار البناء بين المستويات الإدارية الثلاث في التخطيط (العليا - الوسطى - الدنيا) عن مستقبل التنظيم وسبل نجاحه وتطوره، ويرشد إتخاذ القرارات في العملية الإدارية.
- يسهم التخطيط الإستراتيجي في دعم أساليب إتخاذ القرارات المستقبلية في المؤسسة بشكل علمي قائم على الدراسة والتحليل والتوقع لإتخاذ أفضل القرارات وأكثرها قابلية للتنفيذ.
- يهدف التخطيط الإستراتيجي إلى أحداث تغييرات جوهرية وهامة في المؤسسة في فترة طويلة الأجل وتكاليف كبيرة، وجهود مهمة.
- يتميز التخطيط الإستراتيجي بالمرونة كي يستطيع مواجهة التغيرات المحتملة عند التنفيذ.
8. مزايا التخطيط الإستراتيجي:
يتسم التخطيط الإستراتيجي بجملة من المزايا أو الفوائد تتمثل في مايلي:
- تبنى فرق عمل متكاملة لكونها تحدد إطار العمل والمنافسة.
- يوضح ويبين التهديدات والفرص المستقبلية.
- إن الخطة وعملياتها تعتبر خارطة طريق لتحقيق النجاح، وذلك من خلال تحديد الرؤية والإتجاه الشمولي للمؤسسة.
- تطوير طرق حل المشكلات وتحسين أساليب إتخاذ القرارات.
- الإتصالات وتبادل معرفة الأهداف لدى أعضاء المؤسسة.
9. معوقات التخطيط الإستراتيجي:
يمكن إبراز معوقات التخطيط الإستراتيجي في النقاط التالية:
- ضعف الموارد المتاحة مثل قلة الموارد، صعوبة الوصول إليها، صعوبة إدارتها ونقص القدرات اللازمة لذلك.
- البيئة الخارجية مضطربة مما قد يجعل التخطيط متقادما قبل أن يبدأ للتغير السريع في عناصر البيئة (القانونية والسياسية والإقتصادية).
- جمع معلومات غير ملائمة حول المتغيرات الإستراتيجية في البيئة.
- التخطيط الإستراتيجي يحتاج إلى وقت وتكلفة كبيرة.
- عدم قدرة المدير الإستراتيجي على إدراك الفرص والمخاطر الحقيقية.
10. مستويات التخطيط الإستراتيجي:
تعتمد الخطة الإستراتيجية في إعدادها وتنفيذها على الإدارة التي تنفذها وهي تحاول أن تجعل من المؤسسة كيانا متماسكا ومتكاملا تعمل جميع أجزاؤه بطريقة متناسقة لأجل تحقيق الأهداف وعلى هذا الأساس نميز أربع مستويات للتخطيط الإستراتيجي:
- التخطيط الإستراتيجي على مستوى الإدارة العليا: كما يطلق عليه التخطيط الإستراتيجي الكلي، وهو يوضع بواسطة مجلس الإدارة، التي تضع نصب عينيها على أهداف المشروع كله، وعليه يتأثر المشروع کله بها؛ ويركز التخطيط الإستراتيجي الكلي على طبيعة عمل المشروع من منتجات، وعمليات، وأسواق، ومستهلكين، وبطبيعة الحال تكون غالبية هذه التحركات الإستراتيجية طويلة الأجل.
- التخطيط الإستراتيجي لوحدات الأعمال: يركز هذا التخطيط على الكيفية التي يمكن من خلالها لكل وحدة من وحدات الأعمال الإستراتيجية المساهمة في تعزيز الإستراتيجية الكلية للشركة ونجاحها.
- التخطيط الإستراتيجي على المستوى الوظيفي: وتختص بها الأقسام في الوحدات داخل المؤسسة حيث توضع لهذه الأقسام إستراتيجيات خاصة بها مسترشدة بإستراتيجية الوحدات، وما يميز هذا المستوى بكونه قصير الأمد وذات علاقة بالجانب التشغيلي للقسم.