recent
أخبار ساخنة

ما هي الكفاءات المهنية؟

الكفاءات المهنية:

ما هي الكفاءات المهنية؟

1. تعريف الكفاءات المهنية:

رغم المحاولات العديدة لتقديم تعريف شامل لـ مفهوم الكفاءة المهنية إلا أنه من الصعب الجزم بوجود مثل هذا التعريف؛ حيث تعود هذه الصعوبة إلى وجود عدة عوامل أبرزها:

  • الكفاءة مفهوم متعدد الدلالات إذ يحتمل عدة معاني ولا يمكن تحديد محتواه بصورة نهائية، فرغم الإستعمال الشائع للكلمة إلا أنه لم يتم الوصول إلى تحديد معنى دقيق وشامل ومتفق عليه من طرف الجميع.

  • تعدد مجالات تطبيق الكفاءات (الإدارة، الإنتاج، القانون... الخ)، مما يؤدي إلى إختلاف مضامينها، وبالتالي إلى درجة عالية من التباين في المعنى.

  • تعدد المستويات التركيبية للكفاءات (الفردية، الجماعية، التنظيمية)، بالإضافة إلى تعدد أنواع الكفاءات مما يعقد من مسألة إحداث التقارب التعريفي لمفهوم الكفاءة.

  • تعدد المقاربات النظرية ومن بينها (مقاربات تركز على المعارف النظرية والعلمية، مقاربات تركز على المعارف العملية، مقاربات تركز على المعارف السلوكية، مقاربات تدمج المعارف والممارسات والسلوكيات، مقاربات تركز على الكفاءات المعرفية، مقاربات تركز على الأنشطة.

لكن وجود كل هذه العوامل لم يمنع الباحثين من إقتراح تعاريف للكفاءة (تتلاقى في عناصر وتختلف في عناصر أخرى) ومن بين هذه التعاريف نجد مثلا:


  • تعريف الجمعية الفرنسية للمعايير الصناعية AFNOR: "الكفاءة هي إستخدام القدرات في وضعية مهنية بغية التوصل إلى الأداء الأمثل للوظيفة أو النشاط".

  • تعريف حركة MEDEF: "الكفاءة المهنية هي تركيبة أو توليفة من المعارف والمهارات والخبرة والسلوكيات التي تمارس في إطار محدد وتتم ملاحظتها من خلال العمل الميداني والذي يعطي لها صفة القبول ومن تم يتعين على للمؤسسة تحليلها وتقويمها وقبولها وتطويرها".

  • تعريف Philippe Zarifian (عالم إجتماع): "الكفاءة هي إتخاذ الفرد للمبادرة وتحمله للمسؤولية في مختلف الوضعيات المهنية التي تواجهه"؛ وتجدر الإشارة إلى أن زريفيان ركز على فكرة الكفاءات الشاملة مقابل الكفاءات المحددة السياق أو الظرفية إذ أن الكفاءة التي تمارس في سياق واحد فقط لا تجعل من صاحبها كفؤا في غير هذا السياق.

  • الكفاءة هي مجموع ثلاثة أنواع من المعارف: معارف نظرية (علمية) معارف عملية (خبرة، مهارة)، معارف سلوكية يستخدمها الفرد لإنجاز مهامه بطريقة أحسن؛ أي دمج وإستعمال للموارد، ويمكن لهذه الموارد أن تكون بيانات أو معلومات أو أدوات أو معدات أو نظم دعم القرار أو معارف أو خبرة أو إستعدادات وسلوكيات أو حوافز أو قيم.

2. مصطلحات ومفاهيم تتشابه في المعنى مع الكفاءة:

وجود مصطلحات ومفاهيم تتشابه في المعنى مع مفهوم الكفاءة يؤدي إلى إلتباس دلالي لهذه الكلمة ومن بين هذه المصطلحات والمفاهيم نجد مثلا:


  • المهارة: وهي مجموعة من الحركات المنظمة بشكل معقد وتدل على الإتقان للأعمال اليدوية والتقنية ويمكن أن تكون نتيجة للتمرن المستمر (الخبرة)، وكذا للمكتسبات المدرسية والمعارف الأكثر تجريدا (كرة القدم، الطبخ، الجراحة، الميكانيك، الطرز...)، فالمهارة تتطلب إمكانيات عالية على التنسيق بين حركات الجسم والعين مع السرعة الفائقة في الأداء دون إرتكاب للأخطاء.

  • القدرة: وتتمثل في وجود "إمكانية" القيام الفعلي بنشاط يدوي أو فكري وكذا في إمكانية تحقيق إنجازات ترتبط مع بعضها البعض في خاصية معينة مثل القدرة على التذكر، القدرة على التحليل، القدرة على التلخيص، على التنسيق، على الترتيب... وذلك دون ربطها بمجال معين من مجالات المعرفة يمكن لشخص مثلا أن يحفظ قصيدة شعرية وعواصم البلدان وطريقة إعداد طبق معين وهي كلها إنجازات متعددة في مجالات مختلفة (الأدب، الجغرافيا، الطبخ) لكن تدخل كلها ضمن قدرة واحدة ألا وهي القدرة على التذكر.

  • الإستعداد: عبارة عن قدرة كامنة أو أداء متوقع سيتمكن الفرد من إنجازه فيما بعد إذا ما سمحت بذلك عوامل أو شروط معينة، فالإستعداد إذن عبارة عن أداء كامن يمكن على أساسه التنبؤ بالقدرة على إنجاز نشاط ما مستقبلا، وهو مبني على مجموعة من الخصائص المعرفية المسؤولة عن إكتساب وتحليل المعلومات الجديدة والتي تسمح للفرد بإمتلاك القدرة الفعلية على أنجاز نشاطات معينة.

  • المعرفة: توجد علاقة بين المعرفة والكفاءة فكل كفاءة مبنية على جملة من المعارف، أي أن المعارف مكونة للكفاءة (لا كفاءة بدون معرفة) وفي نفس الوقت نجد أن الكفاءة هي المؤشر الوحيد والحقيقي للمعرفة أي أن الكفاءة تظهر قدرة الفرد على توظيف المعارف في أرض الواقع.

3. خصائص الكفاءات وأهميتها:

ما هي الكفاءات المهنية؟
لـ الكفاءات أهمية بالغة بالنسبة للفرد والمنظمة، حيث أن سير ونجاح وتميز هذه الأخيرة يحتاج إلى كفاءات عالية ومتميزة، وأن تكون لهذه الكفاءات خصائص معينة.

1. خصائص الكفاءات: من بين خصائص الكفاءات نذكر ما يلي:

  • الكفاءة غير مرئية فهي مفهوم مجرد وما يمكن ملاحظته هي الأنشطة ونتائج هذه الأنشطة.
  • الكفاءة ليست فطرية وإنما مكتسبة (الفرد لا يولد كفؤا).
  • الكفاءة ذات طابع ديناميكي فهي عملية دمج مستمر للمعارف والمهارات.
  • الكفاءة نادرة وغير قابلة للتقليد وهذا ما يمنح للفرد الكفؤ صفة التميز.
  • الكفاءة ذات غاية (يتم السعي وراء إكتساب الكفاءة من أجل تأدية نشاط ما على أحسن وجه).
  • الكفاءة قابلة للتقييم.
  • الكفاءة تتقادم بمرور الوقت إذا ما لم يتم إستعمالها أو تطويرها.

2.3 أهمية الكفاءات:

• على المستوى الفردي: تتمثل أهميتها في إكتساب فرص أكثر للحصول على منصب شغل أمام تهديدات فقدان الوظيفة (بسبب التسريح، تصفية المؤسسة، إعادة الهيكلة) وذلك بإكتساب ميزة تنافسية في سوق الشغل أمام المترشحين الأخرين، قابلية التنقل في سوق الشغل. 

والحصول على منصب يتناسب مع طموحات الفرد، وتحسين الوضعية المهنية للفرد داخل المؤسسة، وأيضا الوصول إلى الإحترافية وبالتالي تأدية المهام الموكلة للفرد على أحسن وجه وذلك على كل المستويات (رؤساء ومرؤوسين)، وتحقيق الذات (الصعود في هرم الحاجات لماسلو).

• على المستوى الجماعي: تتمثل أهميتها في دعم مبدأ التعاون داخل المؤسسة وذلك بإثراء علاقات التأثير المتبادل ما بين الكفاءات المتكاملة والتي ستؤدي إلى نتائج أحسن من تلك التي يمكن تحقيقها فرديا. 

كما أن الكفاءة ضرورية في عصر المعرفة والمعلومات نظرا للحاجة أكثر للتعامل بالشبكات ما بين الأفراد (العمل الجماعي) أو المزج بين الكفاءات الفنية والكفاءات الإتصالية، والمساهمة في حل النزاعات بين الأفراد دون اللجوء إلى القنوات الرسمية (السلطة أو المدير).

• على مستوى إدارة الموارد البشرية: تتمثل أهميتها في تغيير نمط التسيير بالإنتقال من التركيز على كفاءة الفرد إلى التركيز على كفاءة الفريق، والإنتقال من مبدأ التخصص إلى مبدأ الكفاءة الممتدة، وأيضا الإنتقال من منطق توظيف الأفراد إلى منطق توظيف الكفاءات.

• على مستوى المؤسسة: تعتبر الكفاءات عنصر أساسي في إستراتيجية المؤسسة وذلك لإكسابها هذه الأخيرة الميزة التنافسية، والكفاءات هي مورد من موارد المؤسسة إلى جانب رأس المال المادي لمؤسسة (المساهمة في خلق القيمة)، مع مواجهة التحديات التي تفرضها العولمة والتطور التكنولوجي والتقني، أضف إلى ذلك الإستغلال الأمثل للموارد البشرية وذلك بفضل القدرة على تجنيد كل كفاءات الأفراد العاملين.

4. أبعاد الكفاءات البشرية:

ما هي الكفاءات المهنية؟

  • المعرفة Savoir: وتتمثل في مجموع المعلومات المنظمة والمستوعبة والمدمجة في اطار مرجعي معين والتي يمكن إكتسابها بالتعلم الأكاديمي ونقصد بها المعرفة المهنية القاعدية الضرورية لممارسة وظيفة ما مثل تقنيات المحاسبة، تسيير المخزونات، الإعلام الآلي... وهي معلومات قابلة للنقل من شخص لآخر.

  • المهارة (Savoir-faire): وهي القدرة على ممارسة نشاطات ملموسة حسب الأهداف المحددة مسبقا حيث تعبر عن مجموع المفاهيم المكتسبة عن طريق الممارسة الميدانية من خلال الأنشطة وإجراءات العمل الخاصة بوظيفة ما ولا يشترط دائما في المهارة وجود معرفة دقيقة لسبب تأدية الأنشطة بالطريقة المثلى.

  • المعرفة السلوكية (Savoir-être): وتتمثل في مجموع المواقف والميزات الشخصية المرتبطة بالموظف والتي يمكن الإستفادة منها عند ممارسة وظيفة ما، فهي مجموع الصفات الشخصية كالحيوية وروح التعاون وحسن الترتيب وروح المبادرة... فرغم إمتلاك المؤسسة للمعرفة والخبرة على سبيل المثال إلا أنها لن تكون بنفس مستوى مؤسسة أخرى تمتلك بالإضافة إلى ذلك موارد بشرية محفزة وذات معنويات مرتفعة.

5. أنواع الكفاءات التي يجب توفرها لدى أفراد المنظمات:

ما هي الكفاءات المهنية؟

يمكن تصنيف وترتيب الكفاءات لدى الأفراد في المنظمات حسب النوعية المهنية ودرجة الإرتباط بالمهام المختلفة وسعة ومستوى الحيازة ودرجة الإحتياج الآنية والمستقبلية.

1. حسب النوعية المهنية:

  • الكفاءة الفكرية (التصورية) هي: تصور المؤسسة ككل متكامل (علاقة الوظائف ببعضها البعض، علاقة المؤسسة بالمحيط الخارجي، الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة)، وإمتلاك المدير لسعة الخيال ووفرة المعارف وفهم الأفكار المجردة.

  • الكفاءات الإنسانية (العلاقاتية) وتتعلق بالجانب السلوكي للفرد وعلاقته بالآخرين (مسؤولين، زملاء العمل...) والقدرة على فهم الآخرين، وبالتالي تعديل طبيعة العلاقة التي تربطه بهم.

  • الكفاءات التقنية: أي التحكم في معارف تندرج ضمن نطاق التخصص أي القدرة على الفهم والاستغلال الأمثل لسيرورة أو تقنيه معينة (مجموع المعارف المتخصصة) التي تمكن الفرد من أداء العمليات اللازمة لإنجاز عمل ما (جراح، محاسب).


2. حسب لزوميتها للمهام المختلفة: الكفاءات الخاصة وهي تلك المرتبطة بمجال معرفي أو مهاري معين ولا يمكن إنجاز المهام المرتبطة به إلا بتوفر هذه الكفاءات، وترتبط بنوع محدد من المهام التي يتم تنفيذها على مستوى الأقسام أو المصالح داخل المؤسسة.

فالعمال مطالبون بمتلاك كفاءات مرتبطة بنوع العمل الموكل إليهم في إطار إختصاص كل قسم أو مصلحة الكفاءات المشتركة أو الممتدة وهي كفاءات يمكن استخدامها في مناصب مختلفة (التحكم في اللغات الأجنبية، التحرير الإداري، الحساب، الإتصال، الاعلام الآلي...) فهي تلك التي يمتد توظيفها إلى مجالات وسياقات عديدة ودرجة إمتداد الكفاءة مرتبط بعدد الوضعيات والسياقات التي توظف فيها.

3. حسب سعة ومستوى الحيازة: ويستخدم هذا التصنيف خاصة عند تصميم البرامج التدريبية فنجد:


  • الكفاءات الفردية: وتمثل توليفة من الموارد الباطنة والظاهرة التي يمتلكها الفرد وتتمثل في المعارف والقدرات والسلوكيات والقيم التي يمكن أن تظهر أثناء العمل وهي تعبر عن القدرة على إستخدام كل هذه الموارد معا من أجل التحكم في وضعيات مهنية معينة؛ فالكفاءة الفردية أو الكفاءة المهنية اذن عبارة عن تجنيد للمعارف النظرية والعملية والسلوكية لمواجهة الوضعيات المهنية المختلفة؛ ويمكن تقسيمها إلى: كفاءات عمل وإنجاز، كفاءات الإعانة والخدمة، كفاءات إدارية، كفاءات معرفية، روح المبادرة، المثابرة، الابداع، روح التنظيم، روح النقد، التحكم في الذات، مؤهلات القيادة، القدرة على الإقناع، الثقة في النفس، طريقة التعامل مع الآخرين.

  • الكفاءات الجماعية: ليست مجرد تجميع للكفاءات الفردية، فالكفاءة الجماعية أكبر من محصلة الكفاءات الفردية وهي نتيجة التعاون والتفاعل والتكامل الموجودة بين الكفاءات الفردية؛ ومما يساعد على ظهور الكفاءة الجماعية وجود إتصال فعال ولغة مشتركة بين أفراد جماعة العمل لتسهيل إنتقال المعلومات وتبادل الخبرات وإكتسابها جماعيا عن طريق التعلم الجماعي.


4. من حيث درجه الإحتياج الآنية والمستقبلية: الكفاءة المكتسبة (المتاحة) التي بحوزة الفرد والتي يستخدمها حاليا في منصب عمله، والكفاءة المطلوبة (اللازمة مستقبلا) فإدخال التعديلات على سيرورات الإنتاج أو الهيكل التنظيمي أو التكنولوجيا المستعملة يتطلب التحضير لإكتساب كفاءات ستحتاج اليها المؤسسة مستقبلا.

5. الكفاءات التنظيمية: تتمثل في القدرة على تأدية الوظائف الإدارية على أحسن وجه كالتخطيط والتنسيق والتنظيم والتنفيذ والرقابة، فهي تتطلب كفاءات فنية وتصالية والقدرة على توظيف هذه الأخيرة عند الشروع في إنجاز مشروع أو مهمة ما مثل:

  • تنظيم المشاريع (تخطيط، تنفيذ، تقييم).
  • التحضير لمختلف الأنشطة المتعلقة بإنجاز المشروع أو المهمة مع إعداد جدول زمني لإحترام المواعيد والآجال.
  • القدرة على تسيير الموازنات والموارد المالية.
  • تحديد قائمة المستلزمات المادية.
  • الرقابة والمتابعة الادارية للمشروع.

6. الكفاءات الإستراتيجية: وهي تلك الكفاءات التي تساهم في تحديد الأهداف الإستراتيجية وترجمة هذه الأخيرة إلى أهداف عملية ومتابعة مدى تحققها، وتتمتع هذه الكفاءات بالطابعة الإستراتيجي إذا كانت متغيرا ضروريا لتكيف المؤسسة مع بيئتها وإعطائها القدرة على التميز على منافسيها، ويشترط في الكفاءات الإستراتيجية التحكم في:

  • المعارف والمهارات من المخزون العلمي والتكنولوجي للمؤسسة.
  • الأنظمة التقنية على مستوى المؤسسة.
  • أنظمة التسيير المعتمدة من طرف المؤسسة.
  • القيم والمعايير التي ترسخ بها عملية خلق وتطوير الكفاءات.
google-playkhamsatmostaqltradent