recent
أخبار ساخنة

ما هي إدارة الجودة الشاملة؟

إدارة الجودة الشاملة:

ما هي إدارة الجودة الشاملة؟

1. تعريف إدارة الجودة الشاملة:

إدارة الجودة الشاهلة هي فلسفة إدارية حديثة، تأخذ نظام أو نهج إداري شامل، قائم على أساس إحداث تغيرات إيجابية جذرية لكل شيء داخل المنظمة، بحيث تشمل هذه التغيرات كل من (الفكر، السلوك، القيم، المعتقدات التنظيمية، المفاهيم الإدارية، نمط القيادة الإدارية، نظم وإجراءات العمل و الآراء... إلخ).

وذلك من أجل تحسين وتطوير كل مكونات المنظمة للوصول إلى أعلى جودة من مخرجاتها (سلع وخدمات) وبأقل تكلفة، من أجل تحقيق أعلى درجة من الرضا لدى زبائنها، عن طريق إشباع حاجاتهم ورغباتهم، وفق ما يتوقعونه، بل ويتخطى هذا التوقع تماشيا مع إستراتيجية تدرك أن رضا الزبون وهدف المنظمة هما هدف واحد.

يقوم هذا النهج الجديد الشامل من أجل تحقيق غاياته، على قاعدة تدعى "العمل الصحيح بدون أخطاء من المرة الأولى"، وهذا يستوجب مجموعة من المفاهيم الحديثة، وتبني عدد من المفاهيم الإدارية الجديدة.

تحت مظلة الجهود المتضافرة لجميع العاملين رؤساء ومرؤوسين، لترسيخ العمل الجماعي التعاوني المنسق، وتفجير الطاقات والإمكانات والقدرات الموجودة، وإستغلالها أحسن إستغلال، لتحقيق الجودة العالية، وتحسينها بشكل دائم ومستمر، مما يعود بالنفع على المنظمة وعلى من يعمل فيها وعلى المجتمع كذلك.

2. أهداف إدارة الجودة الشاملة:

لا أحد يستطيع أن يصمد في وجه المنافسة، إلا من خلال العمل على إرضاء العملاء وتحقيق متطلباتهم ورغباتهم بدرجة عالية، وتخطيطها بشكل مستمر ودائم، وهذا يعتبر الهدف العام لإدارة الجودة الشاملة، والذي يندرج قيمته مجموعة أهداف جزئية أهمها نذكر:

  • فهم حاجات ورغبات العمل (المستهلك، الجمهور) لتحقيق ما يريده.
  • توفير السلعة أو الخدمة وفق متطلبات العميل من حيث الجودة والتكلفة والوقت والإستمرارية.
  • التكيف مع المتغيرات التقنية والإقتصادية والإجتماعية، بما يخدم تحقيق الجودة المطلوبة.
  • توقع إحتياجات ورغبات العميل في المستقبل وجعل ذلك عملا مستمرا.
  • جذب المزيد من العملاء والمحافظة على العملاء الحاليين.

التميز في الأداء والخدمة عن طريق التطوير والتحسين المستمرين للمنتج أو الخدمة، وجعل الكفاءة الإنتاجية بشكل عام عالية في ظل تخفيض التكلفة إلى أدنى حد ممكن، لكن ليس على حساب الجودة بل من خلال ترشيد الإنفاق.

3. أبعاد إدارة الجودة الشاملة:

يمكن التعرف أكثر على إدارة الجودة الشاملة من خلال التعرف على أبعادها، والمتمثلة فيما يلي:

1. البعد الاداري: ويقصد به كافة المديرين في كافة المستويات الإدارية، الذين يمارسون العملية الإدارية بمكوناتها الأربعة (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة والتنسيق)، وذلك وفق ما تتطلب منهجية إدارة الجودة الشاملة، مستخدمين مجموعة من الأنظمة المختلفة الجديدة، لتسيير العمل في كافة المجالات بشكل متميز، بهدف تحقيق أعلى جودة وبشكل مستمر، في ظل إستراتيجية عامة تسعى إليها المنظمة، غايتها الأساسية تحقيق الرضا والسعادة لدى الزبون.

2. بعد الجودة: ويتشكل بعد الجودة بما يلي:

  • الأداء: يشير هذا البعد إلى الصفات العامة أو الرئيسية التي تتميز بها السلعة أو الخدمة مثل سلعة أسطوانات المحرك في السيارة، وقوة الدفع أمامي أو خلفي، الطول، العرض، ... إلخ.

  • النواحي الخاصة: يشير هذا البعد إلى المميزات الإضافية التي تتميز بها السلعة أو الخدمة، مثل الكماليات التي تضاف للسيارة مثل: مكيف الهواء، وسادة هوائية من أجل إمتصاص الصدمات، علبة إسعافات أولية،... إلخ.

  • المطابقة: يشير هذا البعد إلى مدى مطابقة مواصفة السلعة أو الخدمة وجودتها عامة لتوقعات العميل، بمعنى آخر مدى قدرة مواصفات جودة السلعة أو الخدمة على تلبية حاجات ورغبات الزبون وفق ما كان يتوقعه.

  • الثبات أو المصداقية والديمومة: يشير بعد الثبات أو المصداقية إلى مدى ثبات مستوى أداء وجودة السمعة أو تقديم الخدمة مع مرور الزمن، أما بعد الديمومة فيشير إلى طول فترة حصول الزبون على المنفعة من السمعة، وهذا ما يسمى بالعمر الإنتاجي للسلعة.

  • الجودة الجزئية وخدمة ما بعد البيع: تشير خدمة ما بعد البيع إلى مستوى الجودة والسرعة في التعامل مع شكاوى العملاء وتذمرهم، بعد الحصول على السلعة أو الخدمة من قبلهم، أما الجودة الجزئية فتشير إلى مستوى تحقيق التميز من مواصفات السمعة أو الخدمة وجودتها من خلال نظام الجودة المعمول به.

  • الجودة الكمية: يشير إلى تميز السلعة أو الخدمة في تلبية كافة مطالب الزبون وتوقعاته مثل (حسن المعاملة، السعر، الوفرة، الإستجابة الفورية للشكاوى، الخدمات الإضافية، تقديم السلعة في الوقت المطلوب،...إلخ)، وتجدر الإشارة إلى أن الجودة الكلية تشمل الجودة الجزئية.

3. بعد الشمول: يتكون من بعدين رئيسيين هما: التميز في كل شيء داخل المنظمة (ثقافة، قيادة، سياسة، أنظمة، إجراءات، هيكل تنظيمي، العلاقات مع الآخرين)، اما الثانية فهي التميز بشكل خاص في جهود كل من يعمل في المنظمة رؤساء ومرؤوسين، من أجل تلبية حاجات ورغبات العملاء وتحقيق توقعاتهم بل تجاوزها وتجاوز ما يقدمه المنافسون لزبائنهم.

4. بعد رضا العميل: تنظر إدارة الجودة الشاملة إلى مسألة رضا العميل من زاوية مفهوم "قيمة المستهلك أو العميل" حيث تربط مستوى رضاه بمتغيرين إثنين هما: 

  • المنفعة التي حصل عميها من وراء إستخدامه للسلعة التي إشتراها، أو الخدمة التي حصل عليها (وهي مدى الإشباع المادي والمعنوي الذي حققته السلعة أو الخدمة لدى العميل، ومدى توافقها مع توقعاته).
  • مقدار التضحيات التي قدمها من أجل الحصول على المنفعة. 
وفي ما يلي معادلة توضح ما تقدم: 

قيمة المستهمك = المنفعة - التضحيات. 

والتضحيات يقصد بها: التكلفة المالية التي دفعها العميل للحصول على السلعة أو الخدمة، والزمن الذي إستغرقه من أجل الحصول عليها، والجهد الذي بذله في سبيل ذلك. 

"يحدث الرضا لدى العميل لما تكون القيمة التي حصل عميها عالية أي أن المنفعة أكبر من التضحيات".

4. مراحل تطور إدارة الجودة الشاملة:

ظهر مفهوم الجودة وتحسينها في اليابان، وذلك مع بداية العقد الخمسين من القرن العشرين ثم إنتشر بعد ذلك في شمال أمريكا ودول أوروبا الغربية، إلى أن أصبح موضوع إداري هام بالنسبة لكل المنظمات المعاصرة، وقد تطور مفهوم الجودة عبر عدة مراحل، ويمكن تلخيص هذه المراحل كالآتي:

1.4 ما قبل الثورة الصناعية:

قبل الثورة الصناعية لم يكن هناك مصنع وإنتاج بمعنى الكلمة، فالمصنع كان عبارة عن ورشة فيها رب العمل أو صاحب الورشة وعدد من العمال، الذين يقومون بتصنيع سمعة معينة بإستخدام أدوات يدوية، وفق معايير جودة بسيطة يحددها الزبون من منطلق وجهة نظره ورغبته، وما على صاحب الورشة إلا أن يلبي رغبة زبونه، وبالتالي فالعمال يصنعون السمعة المطلوبة وفق توجيهات صاحب العمل، وبالنسبة لعملية الرقابة على الجودة، فقد كانت تتم من قبل العامل نفسه ومنفردا، مع تدقيق نهائي من قبل صاحب الورشة.

2.4 بعد الثورة الصناعية:

أحدثت الثورة الصناعية كما هو معروف للجميع تغيرات جذرية في مجال الصناعة يمكن تمخيصها بالنقاط التالية:

  • ظهور المصنع ليحل محل الورشة، وأصبح له شكلا أو هيكلا لتنظيمها.
  • كبر عدد العاملين في المصنع (المنظمة).
  • كبر حجم الإنتاج بسبب إستخدام الآلة.
  • إرتفاع مستوى جودة المنتجات نتيجة إستخدام الآلة في العمل.

في هذه المرحلة لم تعد الرقابة على الجودة تتم من قبل العامل نفسه، بل من قبل المشرف المباشر، الذي كانت عليه مسؤولية التحقق من الجودة.

3.4 الإدارة العلمية:

ظهرت الإدارة العلمية في مطلع القرن العشرين بريادة "فريدريك تايلور" قدم للعالم الصناعي دراسات الحركة والزمن وسبل تخفيض تكلفة الإنتاج، في هذه المرحلة ظهر مفهوم يدعى "فحص الجودة" الذي سحبت بموجبه مسؤولية فحص جودة المنتج من المشرف المباشر، وأسندت إلى مفتشين مختصين بالعمل الرقابي على الجودة.

وعملية التحقق من الجودة كانت تركز على إجراء المطابقة بين المعايير المحددة مسبقا مع جودة المنتوج المنجز، للتأكد أن مستوى الجودة المطلوب محافظ عليه بإستمرار، كانت الرقابة تهدف إلى تحديد الإنحراف ومن المسؤول عنه وتوقيع العقوبة المناسبة بحقه.

4.4 الرقابة الإحصائية على الجودة:

ظهرت الرقابة الإحصائية على الجودة مع ظهور أسلوب الإنتاج الكبير عام 1931، الذي صاحبه مفهوم تنميط وتوحيد الانتاج، لأن المنتج ذو مواصفات قياسية نمطية موحدة؛ هذه النمطية مكنت من إستخدام الأساليب والأدوات الإحصائية في مجال الرقابة وكانت نظرية الإحتمالات بإستخدام أسلوب العينات الإحصائية في مجال فحص الجودة، إذ يتم فحص عينات من الإنتاج بدلا من فحصه كله، حيث في ضوء نتائج هذا الفحص يمكن قبوله أو رفضه، هذا الأسلوب لم يعد مقبولا في الثمانينات الذي إشتدت فيه المنافسة، والسبب لأن هذا الأسلوب لا يتصف بالدقة.

5.4 تأكيد الجودة:

بدأ التفكير بمفهوم تأكيد الجودة عام 1931، ثم طور بعد ذلك ليأخذ أبعاده كأسلوب فعال في مجال الرقابة على الجودة، إعتمدت عليه إدارة الجودة الشاملة فيما بعد، إن الوصول إلى مستوى عالي من الجودة وتحقيق إنتاج بدون أخطاء، يتطلب رقابة شاملة على كافة العمليات. 

وذلك من مرحلة تصميم المنتج حتى مرحلة وصوله إلى المستهلك، وهذا يعني وجود جهود مشتركة من قبل جميع الإدارات المعنية بتنفيذ هذه المراحل، ولتحقيق شعار الإنتاج بدون أخطاء، تتبنى تأكيد الجودة استخدام ثلاثة أنواع من الرقابة وهي (الرقابة الوقائية، الرقابة المرحلية، والرقابة البعدية)، لأن هذه الأنواع الثلاثة من الرقابة تتكامل مع بعضها من أجل الوصول إلى إنتاج بدون أخطاء.

6.4 إدارة الجودة الإستراتيجية:

ظهر هذا المفهوم بين عامي (1972 و 1988) وكان ذلك بسبب دخول التجارة العالمية في حالة منافسة بين الشركات لكسب حصص أكبر من السوق، وخاصة من قبل الشركات اليابانية التي غزت أسواق العالم بمنتجاتها ذات الجودة المتميزة والأسعار المعقولة، فقد رسمت إستراتيجية الجودة ضمن المحاور التالية:

  • إرضاء الزبون وتلبية ما يريده ويتوقعه.
  • الجودة مهمة الجميع من قمة الهرم التنظيمي حتى قاعدته.
  • المطلوب تحقيق الجودة في كل شيء: الأنظمة، الثقافة التنظيمية، الهيكل التنظيمي، أساليب و إجراءات العمل... إلخ.

7.4 إدارة الجودة الشاملة:

ظهر هذا المفهوم بعد عام 1991، وسبب ظهوره تزايد شدة المنافسة العالمية، وإكتساح الصناعة اليابانية للأسواق وخاصة البلدان النامية، وخسارة الشركات الأمريكية والأوربية لحصص كبيرة من هذه الأسواق.

بسبب هذا الوضع قامت الشركات الأمريكية بتطوير وتوسيع مفهوم إدارة الجودة الإستراتيجية، بإضافة جوانب أكثر شمولا وعمقا، وإستخدمت أساليب متطورة في مجال تحسين الجودة والتعامل مع الزبائن والموردين، وتفعيل أساليب تأكيد الجودة ليصبح أسلوبا رقابيا إستراتيجيا على الجودة.

في الأخير يمكن القول كخلاصة إن نشأت وظهور إدارة الجودة الشاملة ما هي في الواقع إلا تطوير لإدارة الجودة الإستراتيجية كوسيلة دفاعية إستخدمتها الشركات الأمريكية والأوروبية لصد غزو الصناعة اليابانية لأسواقها.
google-playkhamsatmostaqltradent